قال: رأيت ذلكَ في الركعةِ الآخرةِ، ثم قالَ: اللهُم العنْ فلاناً وفلاناً. علَى ناسٍ منَ المنافقينَ، فأنزلَ اللهُ:(ليسَ لكَ منَ الأمرِ شيْءٌ .... ) الآية.
أخرجاهُ منْ حديثِ معمرٍ، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه وكذا قال معمر: كان الزهري يقول: من أين أخذ الناس القنوت - وتعجبَ - إنِّما قنتَ رسولُ اللهِ [ﷺ] أياماً، ثمَّ تركَ ذلكَ.
قال أبو محمد بن حزم: صحَّ عنِ النبيِّ [ﷺ] وعنْ أصحابهِ أنَّهُم قنتُوا وتركُوا، وكلٌّ مباحٌ. فأمَّا قولُ طارقٍ الأشجعيِّ أنهُ بدعةٌ، فمرادهُ الراتبُ، أو أخبَر بما رأى منَ الترْكِ وجهل الفعل في وقتٍ. والعجبُ منَ المالكيةِ يحتجونَ بابنِ عمرَ قولاً وفعلاً، ثمَّ سهُل عليْهم هُنا مخالفتهُ، ومخالفةُ أبيهِ وابنِهِ.
قالَ: والقنوتُ يمكنُ أن يخفَى؛ لأنهُ سكوتٌ متصلٌ بقيامٍ.
قلتُ: وقدْ قنتَ نبيُّ الله [ﷺ] مرَّاتٍ في أوقاتٍ مختلفةٍ؛ قنتَ للقراءِ، وقنتَ يدعُو بالنجاةِ للمستضعفينَ بمكةَ، وقنتَ يومَ أحدٍ.
قال زكريا الساجي وابن شبيب المعمري وغيرهما: نا سلم بن جنادة، ثنا أحمد بن بشير، ثنا عمر بن حمزة، عن سالم، عن ابن عمر قال: «صلَّى رسولُ الله [ﷺ] صلاةَ الصبْحِ يومَ أحدٍ، فلماَّ رفع رأسهُ من الركعةِ الثَّانيةِ قال: سمعَ الله لمنْ حمدهُ. قالَ: اللهم العنْ أبا سفيانَ، اللهمَّ العنِ الحارث بن هشامٍ، اللهمَّ العنْ صفوانَ بن أميَّةَ. فنزلتْ:(ليسَ لكَ من الأمرِ شيْءٌ أو يتوب عليهم)».
قال: فتابَ عليهم فأسلمُوا فحسُن إسلامُهُمْ.
صححَهُ الحاكم، ورواه أبو النضر هاشم، نا أبو عقيل، حدثني عمر بن حمزة مختصراً، لم يذكر قنوتاً.