للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبنى عليه دخول الشهر، فهذا باطل في الشرع قطعاً لا اعتبار به، ووجوده في نفس الأمر معتبر بشرط إمكان الرؤية، وهذا محل مجمع عليه لا خلاف فيه بين العلماء.

- الحالة الثانية: إذا دل الحساب على أنه فارق الشعاع ومضت عليه مدة يمكن أن يرى فيها عند الغروب، فقد اختلف العلماء في جواز الصوم بذلك، وفي وجوبه على الحاسب وعلى غيره، ومن قال بالجواز اعتقد بأن المقصود وجود الهلال وإمكان رؤيته، وهذا القول قاله كبار، ولكن الصحيح الأول وهو عدم الوجوب (١).

- الحالة الثالثة: أن يدل الحساب على عدم إمكان رؤيته ويدرك ذلك بمقدمات قطعية ويكون في غاية القرب من الشمس، ففي هذه الحالة لا يمكن فرض رؤيتنا له حساً؛ لأنه يستحيل، فلو أخبرنا به مخبر واحد أو أكثر ممن يحتمل خبره الكذب أو الغلط، فالذي يتجه قبول هذا الخبر وحمله على الكذب أو الغلط، ولو شهد به شاهدان لم تقبل شهادتهما؛ لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان، والظن لا يعارض القطع فضلاً عن أن يقدم عليه والبينة شرطها أن يكون ما شهدت به ممكناً حساً وعقلاً وشرعاً (٢).


(١) وفي العلم المنشور ص (٧) سمى من الكبار: ابن سريج والقفال والقاضي الطبري، والأصل هو ابن سريج ومن بعده تبع له، وصرّح هنا بعدم الوجوب، ولكنه لم يصرح بعدم الجواز وفي العلم المنشور ص (٨) صرّح بالجواز في الحالة الثانية حيث قال عنها: (والمسألة محتملة يحتمل أن يقال: إذا قوي اعتقاد بعده من الشمس وإمكان رؤيته جلياً، وهناك غيم يغلب على الظن أنه هو الحائل المانع من الرؤية، يقوى هنا جواز الصوم، والقول بعدم الجواز في مثل هذه الحالة بعيد، نعم الوجوب يبعد، فأنا اختار في ذلك قول ابن سريج ومن وافقه في الجواز خاصة لا في الوجوب، وشرط اختياري للجواز: حيث ينكشف من علم الحساب انكشافاً جلياً إمكانه، ولا يحصل ذلك إلا لماهر في الصنعة والعلم).
(٢) انظر: فتاوى السبكي (١/ ٢٠٧ - ٢١١)، االعلم المنشور ص (٦ - ٨)، ص (٢٤ - ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>