- ومن دلائل إلغاء الاعتماد على الحساب، قصد التخفيف في شهادة الهلال، فدخول رمضان شهادة الواحد تكفي في الشرع مع تخفيف لشروط شهادته في الآثار حيث لم يُسأل الشاهد إلا عن إسلامه، ولو أراد الشارع التشديد لشددّ كما شدّد في الشهادة بالزنا فلم يقبل إلا شهادة الأربعة شهادة صريحة واضحة محققة، فتأمّل كيف سهل في الهلال وهو في الأفق والسعة لجميع الناس، وشددّ في الزنا وهو في الاستتار والضيق ماهو معلوم، فهل يتردّد فقيه أن التيسير هنا مقصود وأن غيره تعسير و تشديد؟!.
المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:
بعد عرض هذا الرأي ودراسته فإن نسبة القول بالاعتماد على الحساب الفلكي في دخول الشهر إلى الشذوذ صحيحة، لمخالفته للنص الصريح، ولإجماع الصحابة على عدم العمل به كما نقل اتفاقهم بعض العلماء، وما جاء عن أنس وابن عمر يؤيد ذلك، وأول من روي عنه العمل بالحساب مطرّف بن الشخير ولا يصح عنه، وهو قول نادر عند الحنفية، ورواية شاذة عن مالك، ووجه عند الشافعية، وأقدم من قال به بعد البحث هو ابن سريج (ت ٣٠٦)، وخلاصة رأيه:(جواز اعتماد الحساب للعارف به خاصة، وجواز تقليده إن استفتي)، قال ابن تيمية: (ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً ولا خلاف حديث؛ إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا، وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه،