للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي نفيتموه غير منتف؟) (١)، كما في أدلة القول الأول ففيها الدليل على القضاء.

المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:

بعد عرض هذا الرأي ودراسته فالذي يظهر أن الرأي بعدم مشروعية القضاء لمن تعمد الجماع في نهار رمضان غير بعيد عن الشذوذ؛ لمخالفته للإجماع، ولا يعرف من سبق ابن حزم إلى هذا القول إلا مايحتمل من قول ابن مسعود وسيأتي أنه ليس هو قول ابن حزم، أما الشافعي فقد ذكره احتمالاً وصرّح بخلافه، فلا ينسب إليه قول ابن حزم.

وأما ظن ابن حزم أن له سلفاً من قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: (من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر كله) ونحوه مماروي (٢)، فهذا لم يعرفه السلف من أتباع الصحابة، بل صرّحوا بأن على متعمد الفطر= القضاء، فهذا الشعبي- وقد أدرك خمسمائة صحابي- يقول في رجل أفطر في رمضان: (يصوم يوماً مكانه ويستغفر الله) (٣)، وهذا جابر بن زيد -وهو الذي قال عنه ابن عباس: تسألوني وفيكم جابر بن زيد- يقال له: ما بلغك فيمن أفطر يوماً من رمضان ما عليه؟ قال: (ليصم يوماً مكانه، ويصنع مع ذلك معروفاً)، وهذا محمد بن سيرين -وقد أدرك ثلاثين صحابياً- يقول: (يقضي يوماً ويستغفر الله) (٤)، وهذا


(١) الداء والدواء ص (١٧٤)، وكلامه في غير مسألتنا، لكن الكلام مناسب للسياق الذي أريده.
(٢) وقد سبق أنه روي مرفوعاً ولا يصح، وروي موقوفاً عن عدد من الصحابة، والصحيح منها موقوف ابن مسعود.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور ولعله فيما فقد منه، ونقله ابن حجر عنه بإسناده في تغليق التعليق (٣/ ١٧٤)، وفتح الباري (٤/ ١٦٢) فقال: (قال سعيد بن منصور في السنن حدثنا هشيم ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي في رجل أفطر في رمضان؟ قال: يصوم يوماً مكانه ويستغفر الله)، وإسناده صحيح متصل، وقد جزم به البخاري عنه.
(٤) سبق تخريج ماورد عن جابر وابن سيرين في البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>