للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وأما القياس على من نذر إتيان الحرم، فأول من وقفت عليه يستدل به هو الإمام الشافعي، ويُناقش بعدم التسليم بحكم الأصل، فمن نذر إتيان الحرم، فقد قال الشافعية: إن قلنا بالمذهب أنه يلزمه إتيان المسجد الحرام بالتزامه، وحملنا النذر على أقل واجب الشرع= لزمه حج أو عمرة، هذا هو نص الشافعي وهو المذهب.

- وإن قلنا: لا يحمل على أقل واجب الشرع، بُني على أصل آخر، وهو أن دخول مكة هل يوجب الإحرام بحج أو عمرة وفيه قولان، أصحهما: لا يوجب، وعلى ذلك فهو كمن نذر إتيان مسجد المدينة أو الأقصى، وفيه قولان مشهوران، أحدهما: لا يلزم ويلغوا النذر، هذا هو الأصح عند العراقيين والروياني وغيرهم (١).

- وعلى القول الآخر فقد قال النووي: (وإذا نزّلنا المسجد الحرام منزلة المسجدين، وأوجبنا ضمّ قربة إلى الإتيان، ففي تلك القربة أوجه، أحدها: الصلاة، والثاني: الحج أو العمرة، والثالث: يتخير، قال إمام الحرمين: ولو قيل يكفي الطواف لم يبعد) (٢).

- وعلى فرض التسليم بحكم الأصل، فقد وجب النسك (لأن المشي المعهود في الشرع، هو المشي في حج أو عمرة، فإذا أطلق الناذر، حمل على المعهود الشرعي) (٣) وهذا لا إشكال فيه، فـ (النذر قرينة في إرادة النسك المختص بها) (٤).


(١) انظر: المجموع (٨/ ٤٧٤).
(٢) المرجع السابق (٨/ ٤٧٥)، وقال (٨/ ٤٩٢): (إذا نذر المشي إلى الكعبة لا حاجاً ولا معتمراً، ففي انعقاد نذره وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما، أصحهما ينعقد … وعلى هذا يلزمه قصد الكعبة بحج أو عمرة على الصحيح وفيه خلاف سبق في فصل من نذر صلاة في مسجد).
(٣) المغني (١٠/ ١٣).
(٤) الفروع (٥/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>