للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أما من صرّح في نذره بإتيان البيت غير حاج ولا معتمر فمن ألزمه بالحج أو العمرة وأسقط قيده، ففي ذلك (نظر؛ لجواز التصريح بخلاف الظاهر، والكلام إنما يتم بآخره) (١)، قال ابن حزم: (وقال قوم: لا يمشي إلا في حج، أو عمرة. قال أبو محمد: وهذا خطأ؛ لأنه إلزام ما لم ينذره على نفسه بغير قرآن، ولا سنة) (٢).

المسألة الثانية: أدلة القائلين بجواز دخول مكة دون إحرام:

استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة منها:

١/ حديث أنس -رضي الله عنه- «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح، وعلى رأسه المغفر» (٣)، وفي حديث أبي الزبير عن جابر -رضي الله عنه-: «دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام» (٤).

وجه الاستدلال:

أن المحرم لا يغطي رأسه (فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متهيئاً للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة كونه دخل غير محرم) (٥)، وكلاهما يدل على جواز دخول مكة بغير إحرام لمن أراد غير النسك.


(١) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٧/ ٢١١)، يعني أن الظاهر أن من نذر إتيان الحرم أنه يريد الحج أو العمرة، لكنه يجوز أن يصرح بخلاف الظاهر، وتمام كلام الزركشي: (لقد غالى أبو محمد فقال: إذا نذر إتيان البيت غير حاج ولا معتمر لزمه الحج أو العمرة وسقط شرطه، لمناقضته لنذره. وفيه نظر، لجواز التصريح بخلاف الظاهر).
(٢) المحلى (٥/ ٣٠٣).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري (١٨٤٦) واللفظ له، ومسلم (١٣٥٧).
(٤) أخرجه مسلم (١٣٥٨)، قال ابن بطال في شرح البخاري (٩/ ٩٨): (يمكن أن يكون -عليه السلام- عليه مغفر، وتحتة عمامة سوداء، لتتفق الروايات، وسواء دخل -عليه السلام- مكة بمغفر أو بعمامة سوداء، فحكمهما سواء)، وقال عياض في إكمال المعلم (٤/ ٤٧٦): (وجه الجمع بينهما: أن أول دخوله كان وعلى رأسه المغفر، وبعد ذلك كانت عليه العمامة).
(٥) فتح الباري لابن حجر (٤/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>