للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طهارة الخمر؛ كما قال الخطابي تعليقاً على الحديث الذي فيه خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- لحذائه المتقذر في الصلاة (١): (فيه من الفقه أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه) (٢)، فلعل من نسب إليه القول بطهارتها ظن أن حكمه بعدم الإعادة يدل على الطهارة.

- و أما مانُسب للمزني (ت ٢٦٤)؛ فإني لم أقف على من ينقل عنه هذا الخلاف إلا القرطبي (ت ٦٧١)، ونحتاج إلى معرفةٍ بماقاله؛ لنرى دلالته على مانحن بصدده؛ لأن الشافعية عندهم وجه شاذ بطهارة الخمر المحترمة (٣)، فقد يكون هذا مراد المزني إن صح النقل عنه، قال النووي: (لا فرق في نجاسة الخمر بين الخمر المحترمة وغيرها، وكذا لو استحال باطن حبات العنب خمرا فإنه نجس، وحكى إمام الحرمين، والغزالي وغيرهما وجهاً ضعيفاً؛ أن الخمر المحترمة طاهرة، ووجهاً أن باطن حبات العنب المستحيل طاهر، وهما شاذان


(١) أخرجه أحمد (١١١٥٣)، وأبوداود (٦٥٠)، وابن خزيمة (٧٨٦)، وابن حبان (٢١٨٥)، والحاكم (٩٥٥)، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، ولم يتعقبه الذهبي.
(٢) معالم السنن (١/ ١٨١).
(٣) قال السيوطي في الأشباه والنظائر ص ٤٨: (هي التي عصرت بقصد الخلية، أو لا بقصد الخمرية … فلو عصرت بلا قصد، فمحترمة على الثانية)، وذكرت الخمر المحترمة عند الحنابلة أيضاً، قال في الإنصاف (٦/ ١٢٤): (الصحيح: أن لنا خمرا محترمة. وهي خمرة الخلَّال)، قال ابن مفلح في المبدع (٥/ ١٧): (والأشهر أن لنا خمراً محترمة وهي التي عصرت من غير قصد الخمرية، أو بقصد الخلية)، وفسرها ابن عثيمين بقوله: (هي خمر الذمي الذي يعيش في بلاد المسلمين بالجزية فخمره محترمة، بمعنى أنه لا يحل لنا أن نريق خمره التي يشربها لكن بدون إعلان)، قال: (وذكروا أيضاً: أن من المحترم من الخمر خمر الخلاَّل الذي يبيع الخل، فلو أنه في يوم من الأيام تخمر الخل إما لشدة الحر أو لسبب آخر فإن خمره محترم؛ وعللوا ذلك بأنه لو كان غير محترم للزم على الخلاَّل ضرر عظيم؛ لأن هذا ماله فيتضرر بهذا … ففيما قاله الأصحاب-رحمهم الله- في هذه المسألة نظر). الشرح الممتع (١٠/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>