للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجبت؛ لأنها بدل المتلف من جنس ما يجب ضمان المتلف بمثله، كما لو أتلفه صبي أو مجنون أو نائم ضمنه بذلك، وجزاء الصيد إذا وجب على الناسي والمخطئ فهو من هذا الباب، بمنزلة دية المقتول خطأ والكفارة الواجبة بقتله خطأ بنص القرآن وإجماع المسلمين. وأما سائر المحظورات فليست من هذا الباب وتقليم الأظفار وقص الشارب والترفه المنافي للتفث كالطيب واللباس، ولهذا كانت فديتها من جنس فدية المحظورات ليست بمنزلة الصيد المضمون بالبدل. فأظهر الأقوال في الناسي والمخطئ إذا فعل محظوراً ألا يضمن من ذلك إلا الصيد) (١).

- وهذا التفريق بين المأمور والمحظور يقرره تلميذه ابن القيم أيضاً بقوله: (وسر الفرق أن من فعل المحظور ناسياً يجعل وجوده كعدمه، ونسيان ترك المأمور لا يكون عذراً في سقوطه) (٢)، وفرّع عليه كتفريع شيخه فقال: (من تطيب أو لبس أو غطى رأسه أو حلق رأسه أو قلم ظفره ناسياً فلا فدية عليه، بخلاف قتل الصيد، فإنه من باب ضمان المتلفات فهو كدية القتيل. وأما اللباس والطيب فمن باب الترفه، وكذلك الحلق والتقليم ليس من باب الإتلاف، فإنه لا قيمة له في الشرع ولا في العرف) (٣).

- ولو نسب ذلك القول إلى الحنفية لكان ذلك متجهاً؛ لأن الحنفية عندهم أن الواجبات إذا تُركت لغير عذر ففيها الدم، وإذا تركت لعذر فلاشيء فيها، أما المحظورات فالكفارة عندهم فيها ثابتة


(١) المرجع السابق (٢٥/ ٢٢٧).
(٢) إعلام الموقعين (٢/ ٢٥).
(٣) المرجع السابق (٢/ ٢٤)، وانظر: "القواعد الفقهية المستخرجة من إعلام الموقعين" ص (٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>