للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- هذا على طريقة من لا ينعقد عنده النكاح، وأما من يفسده، وهم الحنابلة فـ (لأنه عقد فسد لأجل الإحرام، فلم يجب به فدية، كشراء صيد، فسد عقده لأجل الإحرام) (١)، فيفسد العقد، ولا جزاء فيه، (ولأنه من باب الأقوال والأحكام، وهذا الباب لا يوجب كفارة في الإحرام تختص به، كما لو تكلم بكلام محرم) (٢).

- هذا مع ما روى مالك، عن داود بن الحصين، أن أبا غطفان بن طريف المُرّي أخبره أن أباه طَريفاً تزوج امرأة وهو محرم (فرد عمر بن الخطاب نكاحه) (٣). ولم يذكر فدية، ولا خلاف في ذلك كما قال الزركشي عن زواج المحرم: (إذا خالف وفعل فلا فدية عليه بلا خلاف نعلمه) (٤).

- وبعد: فقد تبين أن جميع ما ذُكر لايخرج عن أحد ثلاثة أمور: إما ضعيف، وإما لأن المناط لم يتحقق وهو ترك النسك كاملاً، وإما أن هذا النسك قد خُفف فيه فلا يجزم بوجوبه، والأهم فيما سبق أن انتقاء مسألة لعالمٍ قال فيها بعدم الدم، مع عزلها عن فقهه في ترك الواجب وفعل المحظور غير سديد، ولا يتحقق به خرم الإجماع على المسألة العامة.


(١) حاشية الروض المربع لابن قاسم (٤/ ٣١).
(٢) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (٢/ ٢١٠)، ولعل من المناسب إيراد كلامه وتعليه: (ولا كفارة في النكاح; لأنه يقع باطلاً فلم يوجب الكفارة كشراء الصيد واتهابه; لأنه لا أثر لوقوعه فإن مقصوده لم يحصل، بخلاف الوطء واللباس ونحو ذلك، وكلما وقع على مخالفة الشرع وأمكن إبطاله= اكتفي بإبطاله عن كفارة أو فدية، بخلاف الأمور التي لا يمكن إبطالها; ولأنه من باب الأقوال والأحكام … ) الخ.
(٣) موطأ مالك (١/ ٣٤٩).
(٤) شرح الزركشي على الخرقي (٣/ ١٤٥)، وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (٧/ ١٥٥): (قال بعض العلماء: فيه الفدية، قياساً على اللباس؛ لأن ترفه الإنسان بالنكاح أشد من اللباس)، ولم أقف على حكاية الخلاف عند غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>