بعد عرض هذا الرأي ودراسته، فالذي يظهر أن نسبة القول بعدم وجوب الفدية في فعل المحظور أو ترك الواجب إلا في حلق الرأس و الوطءقبل التحلل، إلى الشذوذ صحيحة؛ لمخالفته للإجماع، و لا يعرف هذا التقرير في القرون المفضلة ولا بعدها إلى عصرنا.
وهذا التقرير العام للمسألة بداية نشأته: رأي ابن حزم في عدم إيجاب الفدية أو الدم إلا في المنصوص، وردّه للقياس وعدم اعتبار الصحابي، لكن ابن حزم يبطل الحج بتعمد أي معصية، كترك الواجب و فعل المحظور، ومن ذلك الوطء قبل التحلل و بعده، كما قال:(وإن وطئ وعليه بقية من طواف الإفاضة أو شيء من رمي الجمرة فقد بطل حجه)(١).
ثم أخذ الشوكاني تقرير ابن حزم بعدم إيجاب الدم أو الفدية، وخففّه فلم يبطل حج من تعمّد المعصية، حتى وإن كان ذلك بالوطء قبل التحلل، فلا بطلان ولا فدية، فاطرد في عدم اعتبار قول الصحابي، ثم أخذ بعض المعاصرين قول الشوكاني المُلفّق، وخالفوه في مسألة الجِماع، وخالفوا السلف في الفدية، وخالفوا ابن حزم في البطلان، فأصبح قولاً هجيناً مخالفاً لكل الأقوال.
والخلاف إنما هو في الأصول الثلاثة: الإجماع والقياس وقول