للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢. … (ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد، أو حضر العدو بلده: تعيّن عليه بلا نزاع، وكذا لو استنفره من له استنفاره بلا نزاع) (١).

٣. … (واتفقوا أن قتال أهل الكفر بعد دعائهم إلى الإسلام أو الجزية إذا امتنعوا من كليهما جائز) (٢)، يعني غير ممنوع؛ (فأما حكم هذه


(١) الإنصاف للمرداوي (٤/ ١١٧)، فهذه ثلاث حالات يتعين فيها الجهاد، والحالة الثانية: قتال الدفع تمثّل المرحلة الثالثة من مراحل تشريع الجهاد، وهي أوجب الحالات، كما قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٥/ ٥٣٨): (وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان)، وانظر: مراتب الإجماع ص (١١٩)، ويستدل لها بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا}، قال الطبري في تفسيره (٣/ ٢٨٩): (اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك. وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كف عنهم، ثم نسخت ببراءة)، وذهب ابن جرير أن الآية ليس فيها نسخ، والمقصود بها قتال من كان من أهل القتال مشاركاً فيه {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} والكف عمن لايقاتل من النساء والصبيان ومن يدفع الجزية، قال ابن كثير (١/ ٣٨٧): (قوله: {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله، أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم).
(٢) مراتب الإجماع ص (١٢٢)، وهذه هي المرحلة الرابعة من مراحل تشريع القتال، وهي قتال الطلب، ويستدل لها بآية السيف في براءة: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، قال ابن العربي كما نقله السيوطي في الإتقان (٣/ ٧٨): (كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار، والتولي، والإعراض، والكف عنهم، فهو منسوخ بآية السيف … نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية)، وقال ابن حزم في الناسخ والمنسوخ ص (١٢): (باب الإعراض عن المشركين في مائة وأربع عشرة آية) وذكرها ثم قال: (نُسخ الكل بقوله -عز وجل-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ})، وتعقب ذلك السخاوي في جمال القراء ص (٤٠٤) بقوله: (وإنّما يكون منسوخاً بآية القتال النهي عن القتال)، وقال الزركشي في البرهان (٢/ ٤٢): (وهذا ليس بنسخ في الحقيقة وإنما هو نسء … فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى، وبهذا التحقيق تبين ضعف ما لهج به كثير من المفسرين في الآيات الآمرة بالتخفيف أنها منسوخة بآية السيف، وليست كذلك بل هي من المنسأ، بمعنى: أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر، وليس بنسخ إنما النسخ الإزالة حتى لا يجوز امتثاله أبداً)، وسبق كلام ابن تيمية في تمهيد المسألة، على أن النسخ إن حُمل على المعنى الأعم لم يأت الاعتراض على دعوى النسخ، كما قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٢٧٦): (علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخاً؛ لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم ومسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم، وهذا يظهر عند من ارتاض بكلام المتقدمين كثيراً).

<<  <  ج: ص:  >  >>