(٢) مراتب الإجماع ص (١٢٢)، وهذه هي المرحلة الرابعة من مراحل تشريع القتال، وهي قتال الطلب، ويستدل لها بآية السيف في براءة: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، قال ابن العربي كما نقله السيوطي في الإتقان (٣/ ٧٨): (كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار، والتولي، والإعراض، والكف عنهم، فهو منسوخ بآية السيف … نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية)، وقال ابن حزم في الناسخ والمنسوخ ص (١٢): (باب الإعراض عن المشركين في مائة وأربع عشرة آية) وذكرها ثم قال: (نُسخ الكل بقوله -عز وجل-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ})، وتعقب ذلك السخاوي في جمال القراء ص (٤٠٤) بقوله: (وإنّما يكون منسوخاً بآية القتال النهي عن القتال)، وقال الزركشي في البرهان (٢/ ٤٢): (وهذا ليس بنسخ في الحقيقة وإنما هو نسء … فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى، وبهذا التحقيق تبين ضعف ما لهج به كثير من المفسرين في الآيات الآمرة بالتخفيف أنها منسوخة بآية السيف، وليست كذلك بل هي من المنسأ، بمعنى: أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر، وليس بنسخ إنما النسخ الإزالة حتى لا يجوز امتثاله أبداً)، وسبق كلام ابن تيمية في تمهيد المسألة، على أن النسخ إن حُمل على المعنى الأعم لم يأت الاعتراض على دعوى النسخ، كما قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٢٧٦): (علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخاً؛ لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم ومسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم، وهذا يظهر عند من ارتاض بكلام المتقدمين كثيراً).