للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين واضطروا لدفعه، (وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب، فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل … فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوباً … ولا يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين … لأنه حينئذ جهاد ضرورة ودفع، لا جهاد اختيار … جهاد الدفع يقصده كل أحد، ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً، وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين) (١)، وهذه المقدمة المختصرة، مهمة في تصوير المسألة.

وهذا هو تحرير محل الشذوذ، وتبيين محل النزاع في المسألة:

١. … (لم تختلف الأمة أن القتال كان محظوراً قبل الهجرة) (٢)، (فأول ما شرع الجهاد بعد الهجرة النبوية إلى المدينة اتفاقاً) (٣).


(١) الفروسية ص (١٨٧ - ١٨٩).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣١١)، وانظر: تفسير القرطبي (٢/ ٣٧٤)، والتعبير بالقتال هنا دقيق؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه، وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، فهذه سورة مكية أُمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان وتبليغ القرآن) كما قال ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٥).
(٣) فتح الباري لابن حجر (٦/ ٣٧)، وهذي هي المرحلة الثانية، ودليلها قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} قال ابن كثير في التفسير (٥/ ٣٨٠): (قال مجاهد والضحاك، وغير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم: هذه أول آية نزلت في الجهاد، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية).

<<  <  ج: ص:  >  >>