للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزية. وقال آخرون: بل هي منسوخة بآية القتال، وأنه يجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف دين الإسلام، فإن أبى أحد منهم الدخول فيه ولم ينقد له أو يبذل الجزية= قوتل حتى يقتل، وهذا معنى الإكراه، قال الله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} … وفي الصحيح: «عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل» يعني: الأسارى الذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال، ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم، فيكونون من أهل الجنة.

- فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن حميد عن أنس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: «أسلم» قال: إني أجدني كارهاً. قال: «وإن كنت كارهاً» فإنه ثلاثي صحيح، ولكن ليس من هذا القبيل فإنه لم يكرهه النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام بل دعاه إليه، فأخبر أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له: أسلم وإن كنت كارهاً فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص) (١).

- وأما قول الحق: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، فليس فيها نفي القتال، ولم أقف على من فهم منها ذلك، بل في الآية قبلها مايدل على عكس مراده، وقد فرّعت عليها بالفاء مما يدل على ترتب الآية بعدها على حاصل التي قبلها، وتضمنت قتل الكفار الذي يعزّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوعه لفوات الهداية عنهم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٦٨٢ - ٦٨٣)، والحديث أخرجه أحمد (١٢٠٦) من طريق ابن أبي عدي عن حميد عن أنس ورجاله رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>