للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها شيء من العدوان) (١)، و (لم يبدأ أحداً بقتال قط) (٢).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال:

- بعدم التسليم، فإن الجهاد الطلبي شُرع في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة التاسعة، ومع ذلك فتجد قبل نزولها خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- لطلب عير لقريش، وهي سبب معركة بدر، وقوله -صلى الله عليه وسلم- بعد الأحزاب: «الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم» (٣)، (ثم فتح مكة سنة ثمان، وهوازن وحنين، وحاصر الطائف، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فكان كما قال) (٤).

- وبعد ذلك في الستة التاسعة، بعد أن دانت له العرب، وطهّر الجزيرة من الشرك، (جمع المسلمين لغزو الشام وذلك عام تبوك، حتى وصلها في حرٍّ شديد وجهد، فرجع عامه ذلك، ثم بعث قبل موته أسامة بن زيد مولاه; ليغزو تخوم الشام) (٥).

- بل في قول أنس -رضي الله عنه-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا غزا بنا قوماً، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذاناً كفّ عنهم، وإن لم


(١) فقه السنة (٢/ ٦١٦)، وهذا الدليل استدل به جميع من ذكرت ممن ينكر جهاد الطلب: محمد عبده، وكرره رشيد رضا كثيراً، ود. يوسف القرضاوي، وذكره غيرهم، وورد في كلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ولكنه مقيد بوجود الهدنة.
(٢) فقه الجهاد (١/ ٤٠٣).
(٣) أخرجه البخاري (٤١١٠)، قال ابن حجر في الفتح (٧/ ٤٠٥): (فيه علم من أعلام النبوة فإنه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر في السنة المقبلة فصدته قريش عن البيت، ووقعت الهدنة بينهم إلى أن نقضوها فكان ذلك سبب فتح مكة، فوقع الأمر كما قال -صلى الله عليه وسلم-، وأخرج البزار بإسناد حسن من حديث جابر شاهداً لهذا الحديث ولفظه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعاً كثيرة: «لا يغزونكم بعد هذا أبداً ولكن أنتم تغزونهم».
(٤) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٢١/ ٢٣٦).
(٥) البداية والنهاية (٩/ ٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>