للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمع أذاناً أغار عليهم» (١)، مايدل على أنه لم يتيقن كفر من أغار عليهم، فكيف يقال بأنه قاتلهم لعداوتهم أو ابتدائهم للقتال؟

- قال الصنعاني عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (فإنه قد بعث السرايا قطعاً واتفاقاً إلى قوم لم يقاتلوه ولا خاف شرهم … ولأنه لو كان غزوه -صلى الله عليه وآله وسلم- ليس إلا لدفع شر الكفار لا لأجل الكفر=لم يخرج من المدينة في غزاة ولا بعث سريّة، بل يبقى في المدينة فمن قصده دافعه فيها) (٢).

- مع أن التكاليف الشرعية يكفي فيها الأمر أو الحث الشرعي ولا يشترط تحقق الفعل النبوي، فهذا شرط زائد للتكليف بأن يتوفر القول مع الفعل، الأذان، وصيام داود، والعمرة في رمضان كلها فاضلة، ولم يرد فعلها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أن القول -لقوة دلالته- لو تعارض مع الفعل لقدّم القول، كيف والقول هنا قد توافق مع الفعل، فبدأه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأكمل مسيرته صحابته أعرف الناس بشريعته وطرائقه وأحواله.

- ولعلي أختم البحث بهذا السياق المهم لابن كثير حين قال: (أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولاً فأولاً، الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام؛ ولهذا بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتال المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة،


(١) متفق عليه، أخرجه البخار (٦١٠) واللفظ له، ومسلم (٣٨٢).
(٢) حاشية الصنعاني على ضوء النهار (٧/ ٧٦٢)، وجاء في الفقه الميسر للطيار ومن معه (٧/ ٢٣٤): (وغزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- المختلفة فيها ما هو طلب ومبادأة كغزوة بدر وحنين وخيبر وغيرها، وفيها ما هو دفاع كغزوة أحد والأحزاب وغيرها، وقد قام الصحابة -رضي الله عنهم- بفتح فارس والعراق والشام ومصر وغيرها، وذلك إجماع منهم على أن الجهاد يقوم على الطلب والمبادأة كما يقوم على الدفاع والذود عن حمى الإِسلام والمسلمين)

<<  <  ج: ص:  >  >>