والطائف، واليمن واليمامة، وهجر، وخيبر، وحضرموت، وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجاً، شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب، فبلغ تبوك ثم رجع … ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجته حجة الوداع. ثم عاجلته المنية، صلوات الله وسلامه عليه، بعد الحجة بأحد وثمانين يوماً، فاختاره الله لما عنده.
- وقام بالأمر بعده وزيره وصديقه، وخليفته أبو بكر -رضي الله عنه- وقد مال الدين ميلة كاد أن ينجفل، فثبته الله تعالى به فوطد القواعد، وثبت الدعائم، ورد شارد الدين وهو راغم، ورد أهل الردة إلى الإسلام، وأخذ الزكاة ممن منعها من الطغام، وبين الحق لمن جهله، وأدى عن الرسول ما حمله، ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفرس عبدة النيران، ففتح الله ببركة سفارته البلاد، وأرغم أنفس كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد. وأنفق كنوزهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك رسول الإله.
- وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق الأوّاب، شهيد المحراب، أبي حفص عمر بن الخطاب، فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين، وقمع الطغاة والمنافقين، واستولى على الممالك شرقاً وغرباً. وحملت إليه خزائن الأموال من سائر الأقاليم بعداً وقرباً. ففرقها على الوجه الشرعي، والسبيل المرضي.
- ثم لما مات شهيداً وقد عاش حميداً، أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار، على خلافة أمير المؤمنين أبي عمرو عثمان