للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن يجاب عن المناقشة:

بأن (قوله: «هم منهم»، أي: في الحكم تلك الحالة، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية، فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم) (١)، ويتأيد ماقاله بالدليل الآتي.

٢/ الدليل الثاني هو: الإجماع.

١. قال ابن حزم (ت ٤٥٦): (واتفقوا أن إزالة المرء عن نفسه ظلماً بأن يظلم من لم يظلمه قاصداً إلى ذلك لا يحل) (٢).


(١) فتح الباري (٦/ ١٤٧).
(٢) مراتب الإجماع ص (١٦٥ - ١٦٦)، وانظر: الإقناع لا بن القطان (٢/ ٣٠٧)، وقد استدرك عليه ابن تيمية في نقد المراتب ص (٣٠١ - ٣٠٢) بتعليق ليس فيه ذكر لمسألتنا لكنه فيه فائدة حيث قال: (دعوى الإجماع في مثل هذا الأمر العام الذي يتناول أنواعاً كثيرة ليس مستنده نقلاً في هذا عن أهل الإجماع، ولكن هو بحسب ما يعتقده الناقل في أن مثلَ هذا ظلمٌ مُحَرَّمٌ لا يبيحه عالم، وفي بعض ما يدخل في هذا نزاع وتفصيل، كما لو تترس الكفار بأسرى المسلمين … وكذلك لو أكره رجلٌ رجلًا على إتلاف مالِ غيره، وإن لم يتلفه قتله، جاز له إتلافه بشرط الضمان. والعدو المحاصر للمسلمين إذا طلب مال شخصٍ وإن لم يدفعوه اصطلمهم العدو، فإنهم يدفعون ذلك المال ويضمنون لصاحبه، وأمثال ذلك كثيرة. وقد ذكر -رحمه الله- تعالى إجماعاتٍ من هذا الجنس في هذا الكتاب، ولم يكن قصدنا تتبع ما ذكره من الإجماعات التي عُرف انتقاضها، فإن هذا يزيد على ما ذكرناه. مع أن أكثر ما ذكره من الإجماع هو كما حكاه، لا نعلم فيه نزاعا، وإنما المقصود أنه مع كثرة اطلاعه على أقوال العلماء وتبرزه في ذلك على غيره، واشتراطه ما اشترطه في الإجماع الذي يحكيه، يظهر فيما ذكره في الإجماع نزاعات مشهورة، وقد يكون الراجح في بعضها خلاف ما يذكره في الإجماع. وسبب ذلك: دعوى الإحاطة بما لا يمكن الإحاطة به، ودعوى أنَّ الإجماع الإحاطي هو الحجة لا غيره. فهاتان قضيتان لا بد لمن ادعاهما من التناقض إذا احتج بالإجماع. فمن ادَّعى الإجماع في الأمور الخفية بمعنى أنه يعلم عدم المنازع، فقد قفا ما ليس له به علم، وهؤلاء الذين أنكر عليهم الإمام أحمد. وأما من احتج بالإجماع بمعنى عدم العلم بالمنازع، فقد اتبع سبيل الأئمة، وهذا هو الإجماع الذي كانوا يحتجون به في مثل هذه المسائل) انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>