الصور يجمعها أنه جاز قتلهم تبعاً لا استقلالاً، بخلاف مسألتنا.
- وأما قتل المقاتل من النساء والصبيان، فهذا وإن جاز استقلالاً وقصداً إلا أنه قد اتفق عليه، وهو الذي صح أن يستدل عليه بقوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} لأن رد الاعتداء هنا على المعتدي نفسه لا غيره، وقاعدة الشريعة ألا يؤاخذ الشخص بجريرة غيره، والله أعلم.
المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:
بعد عرض هذا الرأي ودراسته، فإن نسبته إلى الشذوذ محل تردد؛ لاحتمال دخول السياسة الشرعية في الحكم، وشذوذه غير بعيد؛ لمخالفته النصَّ والاتفاق الذي حكاه ابن حزم (ت ٤٥٦) بأن (إزالة المرء عن نفسه ظلماً بأن يظلم من لم يظلمه قاصداً إلى ذلك لا يحل)(١)، على أن ابن تيمية لم يسلّم بعمومه كما سبق، ويبقى استصحاب الإجماع على تحريم قصد النساء والصبيان الذين لم يقاتلوا بالقتل، ولم أقف على قول يوافق قول الشيخ مع أن الفتوح والقتال قائم في زمانهم أكثر من زماننا، فلو كانت المقابلة من الصور الجائزة لاستثنوها كما استثنوا التتبييت والغارة والتترس ومن شارك، والله أعلم.