للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون عند افتتاحهم وكانت مدائنهم التي اختطوها مثل الفسطاط والبصرة والكوفة وإفريقية وما أشبه ذلك من مدائن الشام فليس ذلك لهم، إلا أن يكون لهم شيء أعطوه فيوفى لهم به (١)؛ لأن سكك المدائن قد صارت لأهل الإسلام مالاً لهم يبيعون ويورثون وليس لأهل الصلح فيها حق، فقد صارت مدائن أهل الإسلام أموالاً لهم) (٢).

- والمهم من كلامه ما يختص بأرض العنوة وقوله: (إلا أن تكون بلادهم غلبهم عليها المسلمون وافتتحوها عنوة فليس لهم أن يحدثوا فيها شيئاً)، وهو صريح في المنع من إحداث الكنائس في أرض العنوة التي هي فيء للمسلمين ولاتُملك، وقد ذكر أولاً أرض الصلح وهذه لا إشكال فيها، وذكر آخر الأمر الأرض التي اختطها المسلمون وأحدثوها، واستثنى شيئاً واحداً في هذه الأرض وأنه يجوز للإمام أن يتنازل عن جزء من هذه الأرض مشروط في عقد الجزية فتكون لهم يعطيها إياهم، أو يكون المراد: أنه إذا اختط المسلمون والكفار بلدة جديدة فيعطى الكفار ما اختطوه، وتكون كأرض الصلح في جواز الإحداث، وهذا أظهر.

- قال الدسوقي: (وأما لو كانت تلك البلد اختطها المسلمون معهم، ففي جواز إحداثها وعدمه قولا ابن القاسم وابن الماجشون) (٣)، وقد ذكر الحطاب القولين بقوله: (مذهب ابن القاسم على ما نقله


(١) التوفية بالعهد في هذا المقام ورد عن الإمام مالك أيضاً، وذكره ابن تيمية في سياق أرض العنوة حين قال: (والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون، وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر؛ لا كنائس؛ ولا غيرها؛ إلا أن يكون لهم عهد فيوفى لهم بعهدهم)، كما في الفتاوى (٢٨/ ٦٣٥).
(٢) المدونة (٣/ ٤٣٥).
(٣) حاشية الدسوقي (٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>