للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الاستنجاء لا يكون غالباً إلا بالحجارة (١).

وأجيب عن هذه المناقشة:

بأن مظهر الترف في الأكل والشرب أبلغ منه في غير ذلك، وهذه علة تقتضي تخصيص الحكم بالأكل والشرب، فالأواني الظاهرة في الأكل والشرب ليست مثل من يستعملها في حاجات تخفى على كثير من الناس (٢).

ويمكن الجواب عن هذا الجواب:

- بأنه لايسلم بأن العلة هي مظهر الترف الذي يكسر قلوب الفقراء، وهذه العلة منتقضة، (فكسر قلوب المساكين لا ضابط له؛ فإن قلوبهم تنكسر بالدور الواسعة والحدائق المعجبة، والمراكب الفارهة، والملابس الفاخرة، والأطعمة اللذيذة، وغير ذلك من المباحات) (٣)، والأقرب إلى النص في التعليل هو منع التشبه بالكافرين: «فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» (٤)، قال ابن رشد الجد: (إنما جاء النهي عن الأكل والشرب في آنية الفضة والذهب من جهة التشبه بالأعاجم) (٥).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٣/ ١٠٠).
(٢) انظر: الشرح الممتع (١/ ٧٦ - ٧٧).
(٣) زاد المعاد (٤/ ٣٢٢).
(٤) متفق عليه، رواه البخاري (٥٦٣٣)، ومسلم (٢٠٦٧) من حديث حذيفة -رضي الله عنه-، قال ابن حجر في الفتح (١٠/ ٩٥): «لهم» أي: هم [الكفار] الذين يستعملونه مخالفة لزي المسلمين، وكذا قوله «ولكم في الآخرة» أي: تستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا).
(٥) البيان والتحصيل (١٨/ ٥٤٠)، ونقله ابن تيمية عن العلماء بقوله في الاقتضاء (١/ ٣١٦): (كان العلماء يجعلون اتخاذ الحرير وأواني الذهب والفضة تشبها بالكفار)، والاستعمال فرع الاتخاذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>