للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١/ حديث حذيفة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة» (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أبلغ الناس نهى عن شيء مخصوص، وهو الأكل والشرب، ولو أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان تحريم كل استعمال لصرَّح به (٢)، وقال: لا تستعملوا، فلا نستدل بالأخص على الأعم، بل لا بد أن يكون أعم من المدلول أو مساوياً له (٣).

ونوقش هذا الاستدلال:

بأن جميع أنواع الاستعمالات للآنية في معنى الأكل والشرب بالإجماع؛ وإنما خص الأكل والشرب في الحديث لأن هذا هو الأغلب في استعمال الآنية فلامفهوم له (٤)؛ كقوله تعالى في المحرمات من النساء: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (٥)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار» (٦)، فتخصيص ذكر الحجر والأحجار؛ لأنهما الغالب؛ إذ الغالب أن الربيبة إنما تكون في حجر الزوج وتربيته،


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٥٤٢٦)، ومسلم (٢٠٦٧).
(٢) انظر: سبل السلام (١/ ٤٠)، السيل الجرار ص (٧٣٤)، فقه السنة (٣/ ٤٩١)، الشرح الممتع (١/ ٧٥ - ٧٦).
(٣) انظر: الشرح الممتع (١٠/ ٢٢٦).
(٤) انظر: المجموع (١/ ٢٤٩)، المبدع في شرح المقنع (١/ ٤٧).
(٥) من الآية (٢٣) من سورة النساء.
(٦) أخرجه مسلم (٢٦٢) من حديث سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، قال النووي: (وأما نصه -صلى الله عليه وسلم- على الأحجار فقد تعلق به بعض أهل الظاهر، وقالوا: الحجر متعين لا يجزئ غيره، وذهب العلماء كافة من الطوائف كلها إلى أن الحجر ليس متعيناً، بل تقوم الخرق والخشب وغير ذلك مقامه، وأن المعني فيه كونه مزيلاً، وهذا يحصل بغير الحجر، وإنما قال -صلى الله عليه وسلم- «ثلاثة أحجار» لكونها الغالب المتيسر فلا يكون له مفهوم) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>