للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للوجوب (١)، ولولا الصارف لقيل بالوجوب (٢).

- ومن المفيد هنا الإشارة إلى أن الشيب ليس من صنع الإنسان، ومن تركه فهو مشابه للكفار ولم يتشبّه؛ لأنه لم يعمل شيئاً، أما اللحية فمن حلقها؛ فهذا عمل منه فيه تشبّه؛ ولذا قوي التحريم هنا، كما قال ابن تيمية: (فإنه إذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بيض الشيب الذي ليس من فعلنا، فلأن ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى، ولهذا كان هذا التشبه [بالحلق] يكون محرماً بخلاف الأول [تغيير الشيب]) (٣).

- والصلاة في النعال ورد مايصرف الأمر فيه (٤) من الوجوب إلى الاستحباب. وخلاصة الصارف ما قاله عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه-: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافياً، [ومنتعلاً]» (٥)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا


(١) نقل الإجماع على ذلك: الطبري في تهذيب الآثار- مسند الزبير- ص (٥١٨)، وابن بطال في شرح البخاري (٩/ ١٥٣)، والنووي في شرح مسلم (١٤/ ٨٠)، وجاء في شرح النووي لمسلم، وقد نقله عن الطبري فيما يظهر: (الصواب أن الآثار المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بتغيير الشيب وبالنهي عنه كلها صحيحة وليس فيها تناقض، بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة والنهي لمن له شمط فقط، قال: واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع، ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض خلافه) انتهى، قلت: روي النهي عن تغيير الشيب من حديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود والنسائي وغيرهم وفيه ضعف.
(٢) ولذلك قال الإمام أحمد: (الخضاب عندي كأنه فرض، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون؛ فخالفوهم» الوقوف والترجل من مسائل الإمام أحمد ص (١٣٢)، وانظر: الفروع (١/ ١٥٣).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٠٣).
(٤) وهو حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم» أخرجه أبوداود (٦٥٢)، وابن حبان (٢١٨٦)، والحاكم (٩٥٦) وقال: (حديث صحيح الإسناد) ولم يتعقبه الذهبي.
(٥) أخرجه أحمد (٦٦٢٧)، وأبوداود (٦٥٣)، وابن ماجه (١٠٣٨) وغيرهم، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإسناده حسن، وروي من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>