للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة بأمور:

- وبين يدي الجواب على مناقشة الجديع وغيره لدليل الإجماع، فإن تحريم حلق اللحية ثبت بدليل من السنة، وإجماع بُني عليه، وهذا هو الإجماع الصحيح عند الجديع، ثم نجده لا يقول بتحريم حلق اللحية إلا بقصد التشبه فقط؛ وذلك بإضعافه لدلالة الأمر؛ لأنه معلل بالمخالفة؛ وبإضعافه لدلالة الإجماع بتخصيصه، وكونه إجماعاً سكوتياً، فأقول: مع هذا التعسف الذي لم يسبق إليه، لا أدري مالذي سيبقى له من الأدلة، لو سلك نفس المسلك في قبولها؟! وهذه مناقشة تفصيلية لاعتراضاته:

- أما القول بأن ابن حزم إنما حكى الإجماع لمجرد عدم علمه بالمخالف؛ فأترك ابن حزم يجيب عن ذلك بقوله في مقدمة كتابه: (وإنما ندخل في هذا الكتاب الإجماع التام الذي لا مخالف فيه البتة، الذي يُعلم كما يعلم أن الصبح في الأمن والخوف ركعتان، وأن شهر رمضان هو الذي بين شوال وشعبان … الخ) (١)، وقد أقرّ المعترض على ابن حزم بذلك في هذه المسألة حيث قال: (فحيث لم يجد ابن حزم من قال بإباحة حلق اللحية من السلف ومتقدمي العلماء جعل ذلك منهم بمنزلة الاتفاق على المنع) (٢)، ألا يكفي ذلك، أَمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإعفاء، ونُقل الإجماع على التحريم، ولم يوجد من قال بالإباحة من السلف-بإقرار المعترض-؛ ألا يكفي


(١) مراتب الإجماع ص (١٦)، وإن كان ذلك لا يُسلّم له في كل ماحكاه، ولكن يكفي المعترض أن يُبين من خالف الإجماع؛ لينقض الاحتجاج به، كما فعل ابن تيمية في نقده لمراتب الإجماع.
(٢) اللحية دراسة حديثية فقهية ص (٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>