للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وإعفاء اللحية من الفطرة التي لا تتغير، وإن تغيرت البلاد والأعراف، و (إعفاء اللحية مطلوب شرعاً؛ اتفاقاً للأحاديث الواردة بذلك) (١)، و لا يصح معارضة الشرع بالعادة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (٢).

- والقول بأن اللحية من العادات أو أنها من المظاهر التي لا توجبها الشريعة، هذا منقوض بنصوص الوعيد للمسبل ولابس الحرير، واللعن للنامصة والواصلة، وتحريم استعمال آنية الذهب والفضة، ويلزم منه ما هو فاسد؛ كما لو اعتاد الناس ما خالف الفطرة من المظاهر؛ كالعري، وإطالة الأظفار، ونحوهما، فهل حسنهما متروك للناس، (بدعوى أن العصر الذي هم فيه يستذوقها ويستحسنها وأنها من المظاهر الشكلية التي لا يهتم بها الإسلام بل يتركها لأذواقهم) (٣)؟! هذا لازم لهم.

- لا شك أن مثل هذه الدعاوي العصرانية، والمسالك العلمانية، تأباها نصوص الشريعة، التي جاءت لتحكم على الظاهر والباطن، والدقيق والجليل، حتى قيل لسلمان الفارسي -رضي الله عنه-: قد علمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة قال سلمان: أجل «لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط، أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم» (٤)، وهذا مثالٌ فيه اهتمام الشريعة بأمرٍ معتاد ظاهري متناهٍ في الخصوصية، فأمرت فيه ونهت، وما فوقه من باب أولى.


(١) الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٥/ ٢٢٤).
(٢) من الآية (١٧٠) من سورة البقرة.
(٣) تمام المنة ص (٨٣).
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>