بعد عرض هذا الرأي ودراسته، فالذي يظهر أن نسبة القول بوجوب الأخذ من اللحية إلى الشذوذ صحيحة؛ لأنه ليس له فيه سلف، و لا يعرف في الأقوال المعتبرة المنسوبة إلى الأئمة من يقول به، ولم أقف على من سبق الألباني إليه، ويقابل القول بوجوب الأخذ مما زاد عن القبضة، القول بتحريم الأخذ مطلقاً، وهو غير بعيد عنه في الشذوذ، وأول من وقفت عليه يصرّح بالتحريم هو الشيخ محمد بن إبراهيم (ت ١٣٨٩)، ولا يستقيم القول بالتحريم مع فعل الصحابة والسلف بالأخذ، واشتهار ذلك، وعدم وجود المُنكر، وهو من الأمور الظاهرة غير الخفية.
وأعدل الأقوال فيما يظهر، هو القول باستحباب الترك مطلقاً، كما حكاه عطاء عن الصحابة بسند صحيح:(كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة)(١)، واستحباب الأخذ مما زاد عن القبضة في النسك، كما فسّره ابن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن، وأن الأخذ من التفث المأمور به، ويؤيده فعل ابن عمر -رضي الله عنهم-، والله أعلم.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٥٤٨٢) من طريق غندر، عن شعبة، عن منصور، سمعت عطاء به.