للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن الجواب عن هذا الاستدلال:

- بأن الأصل عدم الخصوصية، ويمكن رد دعوى الخصوصية بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والقياس.

- فأما دلالة الكتاب؛ فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (١) وهذه الآية: دلت بنصها على عدم الخصوصية بأمهات المؤمنين، ودلت كذلك على أن معنى إدناء الجلباب هو ستر الوجه والكفين؛ لأن ذلك واجب على أمهات المؤمنين بالإجماع (٢).

- وأما دلالة السنة؛ فهو ماثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بَنَى بصفية بنت حيي، قال الصحابة: (إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه) (٣)، ففيه أن الحجاب الذي كانت تعرف به أمهات المؤمنين كان يقابله حجاب الإماء وملك اليمين، فدلّ على أن حجاب الحرائر كان واحداً.

- وأما دلالة الإجماع؛ فقد سبق في الدليل الثاني من القول الأول عدد من الإجماعات، وليس فيها تخصيص بأمهات المؤمنين، وأما


(١) من الآية (٥٩) من سورة الأحزاب.
(٢) انظر: إكمال المعلم (٧/ ٥٧)، قال الشنقيطي في أضواء البيان: (في الآية الكريمة قرينة واضحة على أن قوله تعالى فيها:: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يدخل في معناه ستر وجوههن بإدناء جلابيبهن عليها، والقرينة المذكورة هي قوله تعالى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}، ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن، لا نزاع فيه بين المسلمين. فذكر الأزواج مع البنات ونساء المؤمنين يدل على وجوب ستر الوجوه بإدناء الجلابيب، كما ترى)، قلت: وفي الآية قرينة أخرى، وهي أن مشروعية هذا الحجاب حتى يعرفن بالحرية ولايتشبهن بالإماء في كشفهن للوجه والشعر، والحرة لايجوز لها كشف ماسوى الوجه والكف بالإجماع، فدل على أن حجاب الحرة بهذه الآية فيه معنى زائد على ذلك، وعما تكشفه الأمة.
(٣) أخرجه البخاري (٤٢١٣)، ومسلم (١٣٦٥)، ولفظ مسلم: (إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد).

<<  <  ج: ص:  >  >>