للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول القاضي عياض: (ولا خلاف في فرضه عليهن في الوجه والكفين، الذي اختلف في ندب غيرهن إلى ستره) (١)، فليس فيه نفي المشروعية عن غير أمهات المؤمنين، بل اختلفوا في ندبه، أو وجوبه على غيرهن.

- وأما دلالة القياس؛ فيدل عليها قول الله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (٢)، قال الشنقيطي: (فإن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة … قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم؛ إذ لم يقل أحدٌ من جميع المسلمين: إن غير أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن، وقد تقرر في الأصول أن العلة قد تعمم معلولها) (٣)، قال بكر أبو زيد: (فيالها من علة جامعة، لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من مقاصد فرض الحجاب إلا شملتها) (٤).

- وأختم هذه المناقشة بهذا الحديث الذي يدل على مشروعية حجاب المرأة بالقرار في بيتها، أو الجلباب إن هي خرجت، وعلى عموم ذلك، وأنه كلما كانت المرأة أستر فهي أقرب إلى الله، وفي ذلك جاء الحديث: «إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان،


(١) إكمال المعلم (٧/ ٥٧).
(٢) من الآية (٥٣) من سورة الأحزاب، هذه الآية تسمى آية الحجاب؛ لأنها أول آية نزلت بشأن فرض الحجاب، وكان نزولها في سنة (٥) من الهجرة. انظر: تفسير ابن كثير (٦/ ٤٥١)، حراسة الفضيلة ص (٤٥).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٢٤٢) وقال: (في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء، لا خاص بأزواجه -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان أصل اللفظ خاصاً بهن; لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه).
(٤) حراسة الفضيلة ص (٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>