للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: أدلة القائلين بجواز الصور المجسمة لذي النفس: استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

١/ قوله تعالى عن سليمان: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} (١)، وقوله عن عيسى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} (٢).

وجه الاستدلال:

- أن الله أخبر أن الجن يعملون التماثيل لسليمان -عليه السلام-، و أخبر عن صنع عيسى -عليه السلام- لتمثال الطير، في سياق الامتنان وعدم الإنكار مما يدل على الجواز (٣).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور:

- بعدم التسليم، بأنه كان من التصوير المحرم، فيقال في تماثيل سليمان: (إن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذوات الأرواح، وإذا كان اللفظ محتملاً لم يتعين الحمل على المعنى المشكل) (٤).

- وأما عيسى -عليه السلام- فإن الذي أجراه الله على يده ليس تصويراً فحسب بل هو خلق حقيقي (٥)، وهو من المعجزات التي لا يمكن القيام بمثلها فلا يتعلق بها تكليف.

- وعلى فرض التسليم، بأنها من الصور المحرمة فإن ما ذكر من


(١) من الآية (١٣) من سورة سبأ.
(٢) من الآية (٤٩) من سورة آل عمران.
(٣) قال النحاس في إعراب القرآن (٣/ ٢٣٠): (قال قوم: عمل الصور جائز لهذه الآية ولما أخبر الله جلّ وعزّ عن المسيح -صلى الله عليه وسلم-، وحكى هذا القول مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية (٩/ ٥٨٩٧)، والقرطبي في تفسيره (١٤/ ٢٧٢)، وغيرهم دون نسبة لأحد.
(٤) فتح الباري (١٠/ ٣٨٢).
(٥) انظر: البحر المحيط في التفسير (٤/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>