للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي سعيد، وعلى ذلك جماهير العلماء، قال القاضي عياض: (فهذا التحري عندنا وعند كافة العلماء هو البناء على اليقين المفسر في الأحاديث الأخر وقصد اليقين، قال الله تعالى: {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (١)، وذهب أهل الرأي من أهل الكوفة وغيرهم: أن التحري هنا البناء على غلبة الظن ثم اختلفوا) (٢).

- (فمعنى الحديث: فليقصد الصواب فليعمل به، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد … [و] تفسير الشك بمستوى الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين، وأما في اللغة: فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكاً سواء المستوي والراجح والمرجوح والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح) (٣).

- ومما يؤيد ذلك ماصحّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخّ حتى يعلم أنه قد أتم، ثم يسجد سجدتين وهو جالس»، قال ابن حزم: (ففسّر ابن عمر التحري كما قلناه) (٤).

- ويدل على صحة هذا المعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لاغرار في صلاة ولا


(١) من الآية (١٤) من سورة الجن، وفي شرح ابن بطال على البخاري (٢/ ٦١): (ألا تراه عليه السلام، قال: «لا يتحر أحدكم بصلاته طلوع الشمس ولا غروبها»، أي: لا يقصد ذلك، والتحري رجوع إلى اليقين).
(٢) إكمال المعلم (٢/ ٥٠٨).
(٣) شرح النووي على مسلم (٥/ ٦٣).
(٤) المحلى (٣/ ٨٩)، وأثر ابن عمر أخرجه عبدالرزاق (٣٤٧٠) من طريق الثوري، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر به، وإسناده صحيح رجاله رجال الصحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>