للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتموني أصلي»، فهذا خطاب لمالك وأصحابه بأن يوقعوا الصلاة على ذلك الوجه الذي رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي عليه، ويشاركهم في هذا الخطاب كل الأمة في أن يوقعوا الصلاة على ذلك الوجه، فما ثبت استمرار فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه دائماً: دخل تحت الأمر، وكان واجباً (١)، وبعض ذلك مقطوع به، أي مقطوع باستمرار فعله له، وما لم يدل دليل على وجوده في تلك الصلوات التي تعلق الأمر بإيقاع الصلاة على صفتها، لا يجزم بتناول الأمر له) (٢).

- هذا في الأفعال التي لم ترد على هيئات مختلفة، وقد ورد سجود السهو بهيئات مختلفة، تدل على عدم تعين أحدها، بل الحالة الواحدة قد يرد فيها هيئات مختلفة، ومن ذلك حديث عبدالله بن بحينة -رضي الله عنه- لما قام -صلى الله عليه وسلم- عن التشهد وسجد للسهو قبل السلام، فقد ورد من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه سجد بعد السلام في نفس الحالة.

- وحديث ابن بحينة مضى في أول البحث، وهذا حديث المغيرة يرويه عنه زياد بن علاقة قال: زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة، فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس، فسبح به من خلفه، فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتي السهو وسلم، وقال: «هكذا صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) (٣).


(١) جاء في "أصول الفقه الذي لايسع الفقيه جهله" ص (١٢٠): (الأولى أن يقال: إن الأفعال التي تدخل في حقيقة الصلاة وواظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يتركها، ورواها كل من نقل صفة صلاته تعد واجبة كالركوع والسجود والجلوس بين السجدتين، وأما الأفعال التي ثبت أنه تركها أحياناً أو ترك ذكرها بعض من نقل صفة صلاته كتحريك أصبعه السبابة، وكذا ما لا يعلم إلا بالسؤال عنه من الأذكار الخفية فلا ترقى إلى الوجوب بل تكون مستحبة إلا أن يقترن بالفعل قول يدل على الوجوب).
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٢٣٣)، وانظر: فتح الباري (١٣/ ٢٣٧).
(٣) أخرجه أحمد (١٨١٧٣)، وأبوداود (١٠٣٧)، والترمذي (٣٦٤) من طريقين الأول كما -عند الترمذي- من طريق أحمد بن منيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن الشعبي عن المغيرة، والآخر من طريق: عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن زياد بن علاقة عن المغيرة، والإسناد الأول ضعيف؛ في إسناده محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى كان على فقهه سيء الحفظ، ولذلك قال الترمذي: (قد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه)، وقد توبع بما يدل على حفظه هنا، كما في الطريق الآخر وإسناده صحيح، إلا أن المسعودي اختلط قبل موته وحديث يزيد عنه بعد الاختلاط، ومثل هذا الضعف في الإسنادين يمكن أن يجبر أحدهما بالآخر ولذلك قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقوي الثبوت الطريق الثالث وهو صحيح عند ابن أبي شيبة (٤٥٠١) قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا مسعر، عن ثابت بن عبيد قال: صليت خلف المغيرة بن شعبة «فقام في الركعتين، فلم يجلس فلما فرغ سجد سجدتين»، وقوله: (فلما فرغ)، أي من صلاته وسلّم كما هو مصرح به في الروايتين السابقتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>