للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونه ديناً لله وأنه أحق بالوفاء من غيره هذا دليل، وما سبق وما سيأتي كلها أدلة يمكن مناقشة بعضها، لكن بعضها سالم من المناقشة ومجموعها دلالته قوية.

- وأما القول بأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «دَيْنُ الله أحق أن يقضى» محمول على المعذور، فهذا لم يُذكر في حديث ابن عباس وعائشة في الصحيحين (١)، وأما حمله على النذر قال به أحمد وإسحاق وغيرهما (حملاً للعموم الذي في حديث عائشة (٢)، على المقيد في حديث ابن عباس وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا) (٣).

- حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال: «دَيْنُ الله أحق أن يقضى» (ذكر هذا الحكم غير مقيد، بعد سؤال السائل مطلقاً عن واقعة يحتمل أن يكون وجوب الصوم فيها عن نذر، ويحتمل أن يكون عن غيره، فخرج ذلك على القاعدة المعروفة في أصول الفقه، وهو أن الرسول -عليه السلام- إذا أجاب بلفظ غير مقيد عن سؤال وقع عن صورة محتملة أن يكون الحكم فيها مختلفاً: أنه يكون الحكم شاملاً للصور كلها، وهو الذي يقال فيه: ترك الاستفصال عن قضايا الأحوال، مع قيام الاحتمال: مُنزّل منزلة العموم في المقال) (٤).


(١) ولاشك أن المعذور غير مؤاخذ بالتأثيم، بخلاف غير المعذور، وأما القضاء فهذه قضية غير قضية الإثم.
(٢) حديث عائشة مرفوعاً: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» أخرجه البخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧).
(٣) فتح الباري (٤/ ١٩٣).
(٤) إحكام الأحكام (٢/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>