للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر، سواء كان الذُكر دائماً، كالتارك لها عن علم، أو كان الذكر طارئاً، كالتارك لها عن غفلة، وكل ناس تارك، إلا أنه قد يكون بقصد وبغير قصد، فمتى كان الذكر وجب الفعل دائماً أو منقطعاً) (١).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور:

- أن في ذلك تحميلاً للفظ ما لا يحتمل؛ (لأن قوله -عليه السلام-: «فليصلها إذا ذكرها» كلام مبني على ما قبله. وهو قوله: «من نام عن صلاة أو نسيها»، والضمير في قوله: «فليصلها إذا ذكرها» عائد إلى الصلاة المنسية، أو التي يقع النوم عنها. فكيف يحمل ذلك على ضد النوم والنسيان، وهو الذكر واليقظة؟ نعم لو كان كلاماً مبتدأ: مثل أن يقال: من ذكر صلاة فليصلها إذا ذكرها. لكان ما قيل محتملاً، على تمحُّل مجاز) (٢).

- ثم إنه (قال: «فليصلها إذا ذكرها» وهذا صريح في أن النسيان في الحديث نسيان سهو لا نسيان عمد، وإلا كان قوله: «إذا ذكرها» كلاماً لا فائدة فيه، فالنسيان إذا قوبل بالذكر لم يكن إلا نسيان سهو كقوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا نسيت فذكّروني»

-[و] قال: «فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها» ومعلوم أن من تركها


(١) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٢٥٦)، وقال: (فافهموا هذه النكتة تريحوا أنفسكم من شغب المبتدعة، فما زالوا يزهدون الناس في الصلاة، حتى قالوا: إن من تركها متعمداً لا يلزمه قضاؤها، ونسبوا ذلك إلى مالك. وحاشاه من ذلك، فإن ذهنه أحدّ، وسعيه في حياطة الدين آكد من ذلك).
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>