للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن مناقشة هذه الاستدلالات:

- أما تقرير أن ما بعد الوقت ليس محلاً للأداء فهذا صحيح، لكنه لا ينفي إمكانية القضاء؛ ولذلك أثبته النبي -صلى الله عليه وسلم- للنائم والناسي، وثبت بالإجماع للسكران.

- وأما القياس على ما قبل الوقت فهو قياس مع الفارق لأن الصلاة لا تثبت في الذمة قبل دخول وقتها، ومن يقول بالقضاء فالقضاء لِما ثبت في الذمة بعد دخول الوقت.

- وأما القياس على العبادات المؤقتة بمكان فهو قياس مع الفارق أيضاً، لأن بعض العبادات المؤقتة بالزمان أثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- قضاءها بعد وقتها، كما قضى -صلى الله عليه وسلم- بعض الصلوات بعد خروج وقتها، وكما شُرع قضاء رمضان في غير شهر رمضان وغيرهما.

- وأما القول أن العبادة بعد مضي زمنها لم تبق هي وإنما صورتها فالعصر بعد الغروب ليست بعصر، فالجواب عنه أن الني -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق: «صلى العصر بعدما غربت الشمس» (١)، وصلى مرة صلاة الفجر في وقت الضحى بعدما بزغت الشمس وضربتهم (٢)، فدل على إمكانية القضاء ولو فات الوقت، والفرق بين المعذور والمفرط هو الإثم، (فتأخيرهما إنما يختلف في الإثم وعدمه لا في وجوب التدارك بعد الترك) (٣)، ولم يمنع النبي -صلى الله عليه وسلم- المفرّط من القضاء كما سبق.


(١) أخرجه البخاري (٤١١٢)، وفي الصحيحين: «ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس» وهذا لفظ البخاري (٤١١١).
(٢) انظر الحديث في البخاري (٥٩٥)، ومسلم (٦٨٠).
(٣) مدارج السالكين (١/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>