للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ولما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصحابته: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» (١)، فتخوف ناس فوت الوقت، فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن فاتنا الوقت، قال: «فما عنف واحداً من الفريقين»، قال ابن عبدالبر: (وقد أخّر بعضهم الصلاة حتى خرج وقتها ثم صلاها وقد علم رسول الله ذلك فلم يقل لهم: إن الصلاة لا تصلى إلا في وقتها ولا تقضى بعد خروج وقتها) (٢).

- وأما منع القضاء لأن المقضية بلا عذر ليست على الصفة المشروعة فهي رد، فهو مردود، لأن الصلاة مشروعة وليست محدثة وقد تعلقت في ذمته، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن من يفرط حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، وذكر الأمراء وإماتتهم للوقت ولم يمنعهم كلهم من القضاء، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

- أما تقرير أهمية وقت الصلاة فهذا لا نزاع فيه، ولذلك فإن من أخرها عن وقتها بلا عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر (٣).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٤٦)، ومسلم (١٧٧٠)، وتتمة الحديث في مسلم ونحوها في البخاري.
(٢) الاستذكار (١/ ٧٩).
(٣) وقد روي في حديث مرفوع أن: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر» أخرجه الترمذي (١٨٨) وأعله، وأخرجه الحاكم في المستدرك (١٠٢٠) مصححاً له وتعقبه الذهبي، قال ابن القيم في الصلاة ص ٩٤ - ٩٥: (قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. ولم يخالفه صحابي واحد في ذلك. بل الآثار الثابتة الصحابة كلها توافق ذلك … ويا لله العجب أي كبيرة أكبر من كبيرة تحبط العمل وتجعل الرجل بمنزلة من قد وتر أهله وماله … ونحن نقول بل ذلك أكبر من كل كبيرة بعد الشرك بالله، ولأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك به خير له من أن يؤخر صلاة النهار إلى الليل، وصلاة الليل إلى النهار عدواناً عمداً بلا عذر).

<<  <  ج: ص:  >  >>