للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣/ ومن أدلة بعضهم (١): القياس على الكافر الأصلي، فكما أنه لا يقضي ما تركه في كفره، فكذلك المرتد بترك صلاة (٢)، (كما أجمع عليه الصحابة في ترك أمر المرتدين لما رجعوا إلى الإسلام بالقضاء، فقبول توبة تارك الصلاة وعدم توقفها على القضاء أولى) (٣).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال:

- لا يُسلّم بهذا الاستدلال، لأن مسألتنا فيمن أخّر الصلاة وهذا الاستدلال فيمن تركها، وقد فرّق الصحابة بينهما فكفروا الثاني ولم يكفروا الأول، وقد سبق بيان ذلك.

- وعلى فرض التسليم فإن القياس مع الفارق، فالكافر الأصلي غير المرتد، فقد (منَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المشركين، وحرّم الله تعالى دماء أهل الكتاب ومنع أموالهم بإعطاء الجزية، ولم يكن المرتد في هذه المعاني، بل أحبط الله تعالى عمله بالردة، وأبان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإيمان، وكان مال الكافر غير المعاهد مغنوماً بحال، ومال المرتد موقوفاً ليغنم إن مات على الردة أو يكون على ملكه إن تاب، ومال


(١) قلت بعضهم؛ لأن بعض من لا يرى مشروعية القضاء لا يكفر من يترك الصلاة دون جحود لوجوبها أو لا يكفر من لا يترك الصلاة بالكلية أو لا يقول بالقياس.
(٢) انظر: فتح الباري لابن رجب (٥/ ١٣٧ - ١٣٨)، وقال قاصداً محمد بن نصر المروزي: (وقد اعترف بأن القياس يقتضي أنه لا يجب القضاء على من تركها متعمداً، فإنه إن كان كافراً بالترك متعمداً، فالقياس أن لا قضاء على الكافر، وإن كان مرتداً. وإن لم يكن كافراً بالترك، فالقياس أنه لا قضاء بعد الوقت؛ لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، وليس فيه أمر جديد)، وينظر: مجموع فتاوى ابن باز (١٠/ ٣١٢).
(٣) مدارج السالكين (١/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>