طريقهما واحد، ووهم الشيخ فظن أنهما إسنادين، وقوى الشيخ إسناده ولم يصرح بصحته (١)، وسأكتفي بإيراده؛ والتعليق على دلالته و مطابقتها لمراد الشيخ:
- قال عمرو بن سَلَمَةَ: (كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قبل صلاة الغداة، فإذا خرج، مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: لا، بعد. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج، قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته ولم أر - والحمد لله - إلا خيراً. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصاً، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك.
(١) وقد وهم الشيخ في الإسناد الذي أخرجه الدارمي عن الحكم بن المبارك، أنبأنا عمرو بن يحيى، قال: سمعت أبي، يحدث، عن أبيه به، فقال: (ورجاله كلهم من رجال: "التقريب" وهم ثقات، عمرو وأبوه يحيى من رجال الكتب الستة، وجده عُمارة من رجال النسائي في: "عمل اليوم والليلة" وهو ثقة. وأما الحكم بن المبارك فهو الباهلي، فقال في التقريب: "صدوق ربما وهم")، ومع انقطاع هذا السند بين عمارة وابن مسعود، فإن عمرو هنا ليس هو ابن يحيى بن عمارة، بل هو كما قال ابن حجر في إتحاف المهرة (١٠/ ٣٩٩): (عمرو بن يحيى هو ابن عمرو بن سلمة، سمعت أبي يحدث، عن أبيه، بطوله)، فهو عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني كما في تاريخ واسط ص (١٩٨) وقد أخرج الأثر بطوله، وكما في مصنف ابن أبي شيبة (٣٧٨٩٠) وقد أخرج المرفوع منه واختصر الباقي، قال الألباني في السلسة الصحيحة (٥/ ١٢): (وكنت أظن قديما أنه عمرو بن عمارة بن أبي حسن المازني، فتبين لي بعد أنه وهم قد رجعت عنه)، وعمرو بن يحيى ووالده ليس لهما ترجمة في التقريب؛ لأنهما ليسا من رجال الستة، وهما من أفراد الدارمي. انظر: فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي للغمري (٢/ ٢٤٧ - ٢٤٨).