للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ولكن ثبوته لا يلزم منه المنع من التسبيح بالحصى أو النوى، وذلك من وجوه:

- أولها: أن ابن مسعود أنكر عليهم العد، ويدل عليه قوله في هذه الرواية لأبي موسى: (أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم)، وقوله لهم: (فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء)، فهو متسق مع مذهبه الذي سبق تقريره عن إبراهيم النخعي -وهو من أبصر الناس بعلم ابن مسعود وفقهه- وقد قال بعبارة مختصرة: (كان عبد الله يكره العدد ويقول: أيمنّ على الله حسناته؟!) ولم يزد عليها شيئاً.

- وثانيها: أن ذكر الحصى ليس في كل الروايات عن ابن مسعود، حتى المتابعة لهذه الرواية -كما في التخريج- ليس فيها ذكرٌ للحصى، وفيها قول ابن مسعود: (أحصوا سيئاتكم، فأنا أضمن على الله أن يحصي حسناتكم)، وهي ظاهرة في استنكار العد.

- وثالثها: -وهو من براهين أولها و ثانيها- أنه لم يستدل به أحد قبل المعاصرين -فيما أعلم-، على منع التسبيح بالحصى والنوى والسبحة، فهذا الدارمي أخرج الأثر وترجم له بقوله: (باب في كراهية أخذ الرأي)، و (قد نص أهل العلم على أن المنكر في الأذكار هو الاجتماع لها مع الجهر مستدلين بأثر ابن مسعود هذا) (١)، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (فهذا أبو موسى الأشعري وابن مسعود -رضي الله عنهما- أنكرا على أولئك النفر تلك الكيفية والهيئة الجماعية للذكر) (٢).


(١) مجموعة الرسائل المفيدة (٤/ ٥٣٥).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة-المجموعة الثانية (٧/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>