للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمره -صلى الله عليه وسلم- حيث قال لبعض النسوة: «عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين (التوحيد) وفي رواية: (الرحمة)، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات» (١) (٢).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال:

- أن دلالة الحديثين خارج محل النزاع، فالأول يؤخذ منه سنية عقد التسبيح باليد و (العدد بالأصابع على وجه تفضيله، كما أشير إليه بتعليله) (٣)، والثاني ليس فيه نهي عن التسبيح بغير اليد، (والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز) (٤).

- والنزاع هو في جواز التسبيح بالمسابح و (لم يقل أحد: أن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها) (٥).

٣/ واستدلوا أيضاً: على تحريم عد الذكر بالسبحة (لما فيها من التشبه بالكفرة) (٦)، (والظاهر أن المسلمين أخذوها أولاً عن النصارى) (٧).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧٦٥٦)، والترمذي (٣٥٨٣)، وابن حبان (٨٤٢)، والحاكم (٢٠٠٧) وغيرهم، من طريق هانئ بن عثمان، عن أمه حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة، قالت: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … ، قال ابن حجر كما في نتائج الأفكار (١/ ٨٧): (هذا حديث حسن)، وحسن إسناده النووي في الأذكار التي عليها أمالي ابن حجر هذه.
(٢) السلسلة الضعيفة (١/ ١٨٦).
(٣) الحرز الثمين للحصن الحصين (١/ ٢١٥).
(٤) نيل الأوطار (٢/ ٣٦٦).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٨٧). وقال بكر أبوزيد في "السبحة" ص (١٠٠): (فقهاء المذاهب المتبوعة لا يتنازعون في أن العدّ بالأنامل أفضل من العد بغيرها من الحصى ونحوه).
(٦) السبحة ص (١٠٨)، وقال د. بكر: (وهذا أهم مدْرَك للحُكم على السُّبْحَة بالبدعة)
(٧) مجلة المنار (١٥/ ٨٢٣)، يقول محمد رشيد رضا: (كنا نرى هذه السبح في أيدي القسيسين من النصارى والرهبان والراهبات ونسمع أنها مأخوذة عن البراهمة، ولما زرت الهند في هذه السنة رأيت فيها بعض الصوفية من البراهمة والمسلمين، ورأيتهم يحملون السبح ويعلقونها في رقابهم، والظاهر أن المسلمين أخذوها أولاً عن النصارى لا عن البراهمة؛ لأنهم ما عرفوا البراهمة فيما يظهر لنا إلا بعد فتحهم للهند، وأما النصارى فكانوا في مهد الإسلام عند ظهوره (جزيرة العرب) وفي البلاد المجاورة له كالشام ومصر. فلا بد أن يكونوا قد أخذوا السبحة عنهم فيما أخذوه من اللباس والعادات)، وانظر: "إحكام المباني في نقض وصول التهاني" لعلي الأثري ص (٨٩)، "النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية" للويس شيخو اليسوعي ص (٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>