للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلا والله ما رأينا الشّمس سَبتًا) (١)، (مطرنا من الجمعة إلى الجمعة) (٢)، فما يجيب به الجمهور هنا يكون جواباً هناك، والسنة يكفي في ثبوتها الوقوع ولو مرة ولا يشترط التكرار.

- أما حمل الجمع على المطر لأنه تأويل الراوي، فيقال: بأن الرواة الذين تأولوا لم يشهدوا الواقعة هذا أولاً، وثانياً: كل ما ذكر عنهم ليس فيه قطع، ولذلك أرفع من ذكر فيهم وهو أبو الشعثاء جابر بن زيد (لم يجزم بذلك بل لم يستمر عليه) (٣)، فمرة جوّز أن يكون من أجل المطر كما في البخاري، ومرة ظنّ أنه جمع صوري كما في الصحيحين، ومثله الإمام مالك فإن قوله لم يقطع به، ولم يشهد الواقعة حتى يجزم.

- و (رواية ابن عباس هذه حكاية فعل مطلق لم يذكر فيها نفي خوف ولا مطر، فهذا يدلك على أن ابن عباس كان قصده بيان جواز الجمع بالمدينة في الجملة، ليس مقصوده تعيين سبب واحد، فمن قال: إنما أراد جمع المطر وحده فقد غلط عليه) (٤).

- وأحق من يقبل قوله هو الصحابي الذي شهدها و (لما قيل له لم فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته، ولو كان ثمّ مطر من أجله جمع بينهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذكره ابن عباس عن السبب الذي جمع بينهما، فلما لم يذكره وأخبر بأنه أراد أن لا يحرج أمته دل على أن جمعه كان في غير حال المطر، وغير جائز دفع يقين ابن عباس مع حضوره بشك مالك) (٥)، ولا رد جزم ابن عباس


(١) أخرجه مسلم (٨٩٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٠١٦).
(٣) فتح الباري (٢/ ٢٤).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٧٩).
(٥) الأوسط (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>