للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتردد أبي الشعثاء وظنه، ولا رد تصديق أبي هريرة لابن عباس باختلاف من تأوله ممن بعدهم (١).

- وأما حمل الجمع على الجمع الصوري أو المجازي ف (ليس الأمر كذلك؛ لأن ابن عباس كان أفقه وأعلم من أن يحتاج -إذا كان قد صلى كل صلاة في وقتها الذي تعرف العامة والخاصة جوازه- أن يذكر هذا الفعل المطلق دليلاً على ذلك. وأن يقول: أراد بذلك ألا يحرج أمته) (٢).

- فهذا التأويل (ضعيف أو باطل؛ لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب، واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل) (٣).

- (ثم ابن عباس قد ثبت عنه في الصحيح أنه ذكر الجمع في السفر. وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر سيره … فعُلم أن لفظ الجمع في عرفه وعادته إنما هو الجمع في وقت إحداهما، وأما الجمع في الوقتين فلم يعرف أنه تكلم به فكيف يعدل عن عادته التي يتكلم بها إلى ما ليس كذلك) (٤)،


(١) وقد قسّم ابن رجب في الفتح مسالك العلماء في هذا الحديث إلى ستة مسالك أكثرها تأويل له بالظن.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٧٩ - ٨٠).
(٣) شرح النووي على مسلم (٥/ ٢١٨)، قال الألباني في السلسلة الصحيحة (٦/ ٨١٦ - ٨١٧): (وإن مما يؤكد ذلك أمران: الأول: إن في حديث ابن عباس أن الجمع كان في غير خوف ولا مطر، ففيه إشارة قوية إلى أن جمعه صلى الله عليه وسلم في المطر كان معروفا لدى الحاضرين، فهل كان الجمع في المطر صوريا أيضا؟! اللهم لا … والأمر الآخر: أن التعليل المتقدم برفع الحرج قد ثبت أيضا في الجمع في السفر من حديث معاذ: جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء. قال أبو الطفيل: فقلت: ما حمله على ذلك؟ قال: فقال: أراد أن لا يحرج أمته. أخرجه مسلم)
(٤) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٨٠ - ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>