للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن تيمية: (يوم عرفة خطب بهم ثم نزل فصلى بهم ركعتين، ولم ينقل أحد أنه جهر، ولم تكن تلك الخطبة للجمعة فإنها لو كانت للجمعة لخطب في غير ذلك اليوم من أيام الجُمَع وإنما كانت لأجل النسك. ولهذا كان علماء المسلمين قاطبة على أنه يخطب بعرفة وإن لم يكن يوم جمعة؛ فثبت بهذا النقل المتواتر أنها خطبة لأجل يوم عرفة وإن لم يكن يوم جمعة) (١).

- وأما المروي عن عمر -رضي الله عنه-، ففيه إشكال حيث إن إسلام أهل البحرين وإقامتهم للجمعة كان متقدماً، يدل لذلك ماجاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال: (إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في مسجد عبد القيس بجواثا من البحرين) (٢)، وقد كان أبوهريرة في البحرين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم في عهد عمر -رضي الله عنه- (٣)، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- «صالح أهل البحرين، وأمّر عليهم العلاء بن الحضرمي» (٤)، بل كان أبو هريرة (مؤذناً للعلاء


(١) مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٢) صحيح البخاري (٨٩٢)، قال ابن رجب في الفتح (٨/ ١٣٧ - ١٣٨): (وهذا يدل على أن عبد القيس أسلموا قبل فتح مكة، وجمعوا في مسجدهم، ثم فتحت مكة بعد ذلك، وجمع فيها. والمقصود: أنهم جمعوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في قرية جواثاء، وإنما وقع ذلك منهم بإذن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره لهم؛ فإن وفد عبد القيس أسلموا طائعين، وقدموا راغبين في إلاسلام)، وقال ابن حجر في الفتح (١/ ١٣٢): (وجواثى بضم الجيم وبعد الألف مثلثة مفتوحة، وهي قرية شهيرة لهم، وإنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، فدل على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام).
(٣) (فقد كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعثه مع العلاء بن الحضرميّ إلى البحرين وأوصاه به خيرًا فاختار أن يكون مؤذِّنًا، كما في "الإصابة" و"البداية" وغيرهما. ثم رجع العلاء في حياة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كما في "فتوح البلدان" ورجع معه أبو هريرة، ثم بعث عمر سنة (٢٠) أو نحوها قُدامةَ بن مظعون على إمارة البحرين وبعث معه أبا هريرة على الصلاة والقضاء، ثم جرت لقُدامة قضية معروفة، فعَزَله عمر وولَّى أبا هريرة الإمارة أيضًا)، قاله العلامة المعلمي في "الأنوار الكاشفة" المطبوع مع مجموع آثاره (١٢/ ٢٩٦).
(٤) متفق عليه، أخرجه البخاري (٣١٥٨)، ومسلم (٢٩٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>