للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذان الجمعة وقد أسرج دابته وحمل ثقله قال: فليمض) (١)، ونحوه في المغني لابن قدامة، وأما حمل الأثر على من خاف فوات الرفقة فلا دليل عليه (٢).

- وخلاصة ماسبق: أن القول بوجوب الجمعة على المسافر بنفسه لم يقل به أحد -فيما وقفت عليه- إلا ابن حزم (٣)، والقول بوجوبها على المسافر السائر لم أقف على قائل به من السلف، والقول بوجوبها على المسافر النازل إذا سمع النداء يحتمل أنه قياس قول عطاء، وهو قول الزهري، ولايصح ذلك عن عمر -رضي الله عنه-، ولا عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب، ولا عن الأوزاعي والنخعي.

المسألة الثانية: أدلة القائلين بوجوب صلاة الجمعة على المسافر: استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

١/ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٤)


(١) الأوسط (٤/ ٢٢)، الإشراف (٢/ ٨٦).
(٢) حمله على ذلك ابن القيم في الزاد (١/ ٣٧٢).
(٣) قال في المحلى (٣/ ٢٥١ - ٢٥٢): (قال -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، فلا يجوز أن يخرج عن هذا الأمر وعن هذا الحكم أحد إلا من جاء نص جلي أو إجماع متيقن على خروجه عنه، وليس ذلك إلا الفذ وحده، وبالله تعالى التوفيق، فإن ابتدأها إنسان ولا أحد معه ثم أتاه آخر أو أكثر، فسواء أتوه إثر تكبيره فما بين ذلك إلى أن يركع من الركعة الأولى= يجعلها جمعة ويصليها ركعتين، لأنها قد صارت صلاة جمعة، فحقها أن تكون ركعتين، وهو قادر على أن يجعلها ركعتين بنية الجمعة، وهي ظهر يومه، فإن جاءه بعد أن ركع فما بين ذلك إلى أن يسلم: فيقطع الصلاة ويبتدئها صلاة جمعة، لا بد من ذلك، لأنه قد لزمته الجمعة ركعتين، ولا سبيل له إلى أداء ما لزمه من ذلك إلا بقطع صلاته التي قد بطل حكمها، وبالله تعالى التوفيق. مسألة: وسواء فيما ذكرنا - من وجوب الجمعة - المسافر في سفره، والعبد، والحر، والمقيم، وكل من ذكرنا يكون إماما فيها، راتباً وغير راتب).
(٤) الآية (٩) من سورة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>