للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أما تجميع المسافر، أو إيجاب إقامته للجمعة بنفسه فهذا قول شاذ مخالف للإجماع، ولا يُعرف من سبق ابن حزم إلى هذا الرأي إلا ما يُذكر عن داود، وهو إلى البدعة أقرب (١)، (فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسافر أسفاراً كثيرة. قد اعتمر ثلاث عمر سوى عمرة حجته، وحج حجة الوداع ومعه ألوف مؤلفة، وغزا أكثر من عشرين غزاة ولم ينقل عنه أحد قط أنه صلى في السفر لا جمعة ولا عيدا، بل كان يصلي ركعتين ركعتين في جميع أسفاره ويوم الجمعة يصلي ركعتين كسائر الأيام، ولم ينقل عنه أحد قط أنه خطب يوم الجمعة وهو مسافر قبل الصلاة) (٢).

- وأما وجوب إجابة المسافر السائر للجمعة فهذا أيضاً مخالف للإجماع، وهو شذوذ.

- وأما وجوب إجابة المسافر النازل للجمعة مطلقاً وإن لم يسمع النداء، كما مال إليه ابن تيمية ووجهه ابن مفلح، ورجحه ابن عثيمين، فهذا أقرب إلى الشذوذ ولا أجزم به.

- وأما وجوب إجابة المسافر النازل للجمعة إذا سمع النداء، فهذا قيل: بشذوذه، وبعد البحث تبين أنه ليس بشاذ، وقد قال به من السلف: الزهري، ويحتمل أنه قياس قول عطاء في إيجابه على المسافر إجابة نداء الصلاة إذا سمعه، ويحتمل أن بين الجمعة وسائر الفرائض الخمس فرقاً عنده.


(١) قال ابن عثيمين في فتاويه (١٦/ ١٥): (لقد ضل من قال: إن الجمعة تقام في السفر، وخرج عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليه إذا فعل أن يعيدها إذا كان يريد إبراء ذمته وإقامة حجته عند الله عز وجل؛ لأن هذا ليس موضع اجتهاد)، وقال (٢٤/ ٤٨٦): (ومن أقام الجمعة في السفر فهو مبتدع، وصلاته باطلة).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>