للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل على أن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- للمستيقظ من النوم غسل يديه على إباحة) (١).

وجه الاستدلال: أنه لم يذكر غسل الكفين قبل الوضوء، ولقوله: «وضوءاً خفيفاً» أي: خففه بأن توضأ مرة مرة، وخفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته كما ذكر ابن حجر والنووي.

٤/ وَمِن الأدلَّة على عدم الوجوب اتفاقُ الفقهاء على ذلك، قال الجصاص: (وهو عند أصحابنا وسائر الفقهاء مستحب غير واجب … وقد اتفق الفقهاء على الندب) (٢)، مع أنه نقل خلافاً عن الحسن، ولكنه لم يعتبر بهذه المخالفة؛ لشذوذها عنده؛ ولذا قال بعد قول الحسن: (وتابعه على ذلك من لا يعتد به).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال:

- بأن هذا الاتفاق لايصح فإن الوجوب هو مذهب بعض الصحابة والتابعين والأئمة:

كأبي هريرة، وابن عمر -رضي الله عنهم-، والحسن البصري (ت ١١٠)، وأحمد بن حنبل (ت ٢٤١) في رواية (٣)، وإسحاق بن راهويه (ت ٢٣٨) (٤)، وداود بن علي


(١) مستخرج أبي عوانة (١/ ٢٢٢)، قال ابن حجر: (واستدل أبو عوانة على عدم الوجوب بوضوئه -صلى الله عليه وسلم- من الشن المعلق بعد قيامه من النوم … وتعقب بأن قوله: (أحدكم) يقتضي اختصاصه بغيره -صلى الله عليه وسلم-، وأجيب: بأنه صح عنه غسل يديه قبل إدخالهما في الإناء حال اليقظة، فاستحبابه بعد النوم أولى، ويكون تركه لبيان الجواز) فتح الباري (١/ ٢٦٤).
(٢) أحكام القرآن (٢/ ٤٤٢).
(٣) قال ابن قدامة في المغني (١/ ٧٣): (فأما عند القيام من نوم الليل، فاختلفت الرواية في وجوبه؛ فروي عن أحمد وجوبه، وهو الظاهر عنه، واختيار أبي بكر، وهو مذهب ابن عمر، وأبي هريرة، والحسن البصري).
(٤) إسحاق بنُ إبراهيم بنِ مخْلَد، المعروف بابن راهويه، قرين الإمام أحمد، ويحيى ابن معين، وقد حدثا عنه، وحدث عنه البخاري ومسلم، سئل عنه الإمام أحمد فقال: (مثل إسحاق يسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام)، قال أبوداود الخفاف: (أملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه ثم قرأها علينا فما زاد حرفا ولا نقص حرفاً) علق الذهبي على ذلك بقوله: (فهذا والله الحفظ)، مات سنة (٢٣٨) هـ. انظر: طبقات الحنابلة (١/ ١٣). وانظر: سير أعلام النبلاء (١١/ ٣٨٥)، تهذيب التهذيب (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>