للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة:

- أما أثر عطاء فإنه مرسل، وعطاء ولد في خلافة عثمان فلم يدرك أبابكر ولا عمر، ولا روى عن عثمان -رضي الله عنهم-، ومراسيله قال عنها الإمام أحمد: (ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح؛ فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد) (١).

- وعلى فرض ثبوته، ففيه إثبات للخطبتين حين قال: (إنما كانوا يتشهدون مرة واحدة الأولى)، فقوله: (الأولى) يعني: في الخطبة الأولى، ويقابله الخطبة الثانية.

- والأثر سياقه في إنكار الجلوس أثناء الخطبة، كما قال جابر بن سمرة -رضي الله عنه-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة» (٢)، وكما جاء عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أنه: (دخل المسجد وعبد الرحمن ابن أم الحكم يخطب قاعداً، فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}) (٣).

- برهان ذلك: أن عطاء ذكر فعل معاوية في مقابل فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان، ومعاوية أول من أحدث الجلوس أثناء الخطبة كما قال الشعبي: (أول من أحدث القعود على المنبر معاوية) (٤)، وقال الشعبي: (إنما خطب معاوية قاعداً، حيث كثر شحم


(١) تهذيب الكمال (٢٠/ ٨٣).
(٢) أخرجه مسلم (٨٦٢).
(٣) أخرجه مسلم (٨٦٤).
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى (٥٧٠٧) وقال: (يحتمل أنه إنما كان قعد لضعف لكبر أو مرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>