للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة» (١)، وحديث ابن عمر قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر، وعمر -رضي الله عنهما- يصلون العيدين قبل الخطبة» (٢)، و حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة» (٣).

وجه الاستدلال:

أن (من نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخطب إلا خطبة واحدة) (٤)، فهي خطبة واحدة لظاهر قوله: (الخطبة) فإنها تصدق على الواحدة، و (لعدم ورود الدليل) (٥) على الخطبتين.

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال بأمور (٦):

- بأن الأدلة سياقها في بيان تقدّم الصلاة على الخطبة وليس في عدد الخطبة، ولذلك قال النووي عن حديث ابن عباس: (فيه دليل


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٦٢) واللفظ له، ومسلم (٨٨٤).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٦٣)، ومسلم (٨٨٨).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٥٨) واللفظ له، ومسلم (٨٨٥).
(٤) الشرح الممتع (٥/ ١٤٦).
(٥) ذكره الوادعي كما في "أسئلة شباب العدين"، وسبق توثيقه.
(٦) أما كون ظاهر النصوص أنها خطبة واحدة، فهذا الظاهر لم يعرفه أئمة أهل الظاهر، فأين دواد بن علي عنه؟ بل أين ابن حزم عنه؟ وهي أحاديث في الصحيحين عن غير واحد من الصحابة، وهي بين نظر العلماء من الظاهرية وغيرهم، ثم لم يفهم واحد منهم أن ظاهرها واحدة، حتى جاء المعاصر فقال: ظاهرها واحدة؟! وقد تعجب الشيخ الوادعي واستنكر على ابن حزم فقال: (حتى أبو محمد ابن حزم ما أدري لماذا لم يتمسك بظاهريته؟!! فقال في "المحلى": ويخطب خطبتين) كما في شريط"أسئلة شباب العدين"، وهذا الاحتمال الذي فهمه الشيخ أنه لم يتمسك بظاهريته، والاحتمال الآخر أن ظاهرها لايدل على أنها واحدة، أو أن ظاهرها غير مراد، وهذا هو الأظهر والأقوى -كما سيأتي-.

<<  <  ج: ص:  >  >>