للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم اجتمعوا فيها على الخطأ دونك أيها المتقول، والبرهان الشرعي والعادي دال على عكس القضية، فكل ما جاء مخالفاً لما عليه السلف الصلاح؛ فهو الضلال بعينه) (١).

- والفقيه ابن عثيمين مع أنه خالف في هذه المسألة ولم يذكر من سبقه، قد قال في مسألة أخرى، وهي عودة الحاج محرماً بعد تحلله إذا لم يطف للإفاضة قبل الغروب: (فحكم شرعي لم يعمل به إلا واحد من التابعين، لا يمكن أن يقال: إنه حديث صحيح؛ وذلك أن الأمة لا يمكن أن تخالف مثل هذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله والعمل به، لأنه من المعلوم أنه ليس كل الحجيج يطوفون طواف الإفاضة في يوم العيد) (٢)، ولعله لم يستحضر مثل هذا الكلام هنا وهو أولى (٣).

- وقد صحّ عن التابعي الجليل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: (يكبر الإمام على المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثم يخطب، وفي الثانية سبع تكبيرات) (٤)، وهو من الفقهاء السبعة


(١) الموافقات (٣/ ٢٨٤)، وانظر كذلك (٣/ ٢٨٠ - ٢٨١)، وقد قال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى (٢١/ ٢٩١): (كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام)، وقال تلميذه ابن عبدالهادي في الصارم المنكي (١/ ٣١٨): (ولا يجوز إحداث تأويل في آية أو سنة لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة، فإن هذا يتضمن أنهم جهلوا الحق في هذا وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر، فكيف إذا كان التأويل يخالف تأويلهم ويناقضه).
(٢) الشرح الممتع (٧/ ٣٤٢).
(٣) ستأتي مسألة عودة الحاج محرماً بعد تحلله في كتاب الحج، وكون مسألتنا أولى بهذا الكلام؛ لأنه لم يرد فيها حديث كحديث أم سلمة في عودة الحاج محرماً، ولم ينقل عن أحد أنه خطب خطبة واحدة، بينما حديث أم سلمة قيل: إنه عمل به عروة، وسيأتي مناقشة النسبة إليه.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور ونقله عنه ابن قدامة في المغني (٢/ ٢٨٦)، قال سعيد: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله به، وهذا الإسناد صحيح، ووالد يعقوب وهو عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن عبد القاري المدني وثقه ابن معين، ووجدت له سماعاً من عبيد الله كما أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٣٢٠) بسند صحيح عن يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني عن أبيه قال: كنت أسمع عبيد الله بن عبد الله يقول: ما سمعت حديثاً قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>