للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة المحمودة، ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج بإجماع بعد عصر التابعين أو بعد القرون الثلاثة … ثم هذا منه نهي عن دعوى الإجماع العام النطقي، وهو كالإجماع السكوتى أو إجماع الجمهور من غير علم بالمخالف … وإنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والاصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبي حنيفة ومالك ونحوهما ولا يعلمون أقوال الصحابة والتابعين) (١).

- وقد ذكر أحمد في سياق كلامه بعض المبتدعة، الذين يشهرون سيف الإجماع في مقابل السنن، فرد أحمد على مثل إجماعاتهم التي يدعونها، قال ابن تيمية: (يعني الإمام أحمد -رضي الله عنه- أن المتكلمين في الفقه من أهل الكلام إذا ناظرتهم بالسنن والآثار قالوا: هذا خلاف الإجماع، وذلك القول الذي يخالف ذلك الحديث لا يحفظونه إلا عن فقهاء المدينة وفقهاء الكوفة مثلاً، فيدعون الإجماع من قلة معرفتهم بأقاويل العلماء، واجترائهم على رد السنن بالآراء) (٢).

- قال ابن القيم: (وليس مراده بهذا استبعاد وجود الإجماع، ولكن أحمد وأئمة الحديث بُلوا بمن كان يرد عليهم السنة الصحيحة بإجماع الناس على خلافها، فبين الشافعي وأحمد أن هذه الدعوى كذب، وأنه لا يجوز رد السنن بمثلها) (٣)، (ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفاً في حكم مسألة أن يقدم


(١) المسودة ص (٣١٦).
(٢) الفتاوى الكبرى (٦/ ٢٨٧).
(٣) مختصر الصواعق المرسلة ص (٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>