للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهله بالمخالف على النصوص؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده) (١).

- وقد سبق في كتاب الصلاة، تعليق ابن تيمية على اشتراط ابن حزم اليقين للإجماع، وتشديده في اشتراط العلم بعدم المخالف، فقال في نقده: (فمن ادَّعى الإجماع في الأمور الخفية بمعنى أنه يعلم عدم المنازع، فقد قفا ما ليس له به علم، وهؤلاء الذين أنكر عليهم الإمام أحمد، وأما من احتج بالإجماع بمعنى عدم العلم بالمنازع، فقد اتبع سبيل الأئمة، وهذا هو الإجماع الذي كانوا يحتجون به في مثل هذه المسائل) (٢).

- وقال ابن تيمية: (ولا تعبأ بما يفرض من المسائل ويدعي الصحة فيها بمجرد التهويل، أو بدعوى أن لا خلاف في ذلك، وقائل ذلك لا يعلم أحداً قال فيها بالصحة فضلاً عن نفي الخلاف فيها، وليس الحكم فيها من الجليات التي لا يعذر المخالف فيها. وفي مثل هذه المسائل قال الإمام أحمد، من ادعى الإجماع فهو كاذب، فإنما هذه دعوى بشر وابن علية يريدون أن يبطلوا السنن بذلك) (٣).

- ففي كلام أحمد: الحث على استخدام الورع، والتحذير من نفي الخلاف ممن قصر علمه، أو الجزم بالإجماع في الأمور التي قد تخفى، وليس فيه نفي وقوع الإجماع، وعلق الشاطبي على كلام ابن تيمية الأخير في توجيه كلام أحمد: (ففي هذا الكلام إرشاد لمعنى ما نحن فيه، وأنه لا ينبغي أن ينقل حكم شرعي عن أحد من أهل


(١) إعلام الموقعين (١/ ٢٤).
(٢) نقد مراتب الإجماع ص (٣٠٢).
(٣) الفتاوى الكبرى (٦/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>