للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم إلا بعد تحققه والتثبت؛ لأنه مخبر عن حكم الله، فإياكم والتساهل! فإنه مظنة الخروج عن الطريق الواضح إلى البنيات) (١).

- فهذا هو كلام أحمد بفهم أصحابه الحنابلة، وبجمع لفظه مع تطبيقه، أضف إلى ذلك بتطبيقات الحنابلة الكثيرة واستدلالهم بالإجماع في كتبهم دون نكير له، لكن هناك من أبعد في فهم كلام أحمد، وأجرى عبارته على ظاهرها دون شرحها بفعله وفهم أصحابه، قال الزركشي: (قال أصحابه: وإنما قال هذا على جهة الورع؛ لجواز أن يكون هناك خلاف لم يبلغه، أو قال هذا في حق من ليس له معرفة بخلاف السلف؛ لأن أحمد قد أطلق القول بصحة الإجماع في مواضع كثيرة، وأجراه ابن حزم الظاهري على ظاهره)، قلت: وتمسك بظاهرها الشوكاني (٢)، والألباني.

- وأما أثر أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ فقد أخرجه عبدالرزاق، أن أبا هريرة، كان يقول لابنته: (لا تلبسي الذهب، فإني أخاف عليك حرَّ اللهب) (٣)، وهو غير صريح في تحريم الذهب، بل هو محتمل لتخفف أبي هريرة من الدنيا، ورغبته في عدم التنعم فيها، لئلا يُسأل عنه، وتعويد أهله ومن تحت يده على ذلك، يؤكد ذلك أن أباهريرة روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يا أبا هريرة، هلك


(١) الاعتصام (٢/ ٢٧٤)، ولم يسم ابن تيمية وإنما قال: (قال بعض الحنابلة).
(٢) في الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني (٥/ ٢١٢٠ - ٢١٢١): (والعجب من الرواية السابقة على أحمد بن حنبل، وجعله من القائلين بأن الإجماع السكوتي حجة قطعية، وقد صح عنه القول بامتناع العلم بمطلق الإجماع عادة، وروي عنه أنه قال: من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب) انتهى، وهنا فائدة فالشوكاني ممن استدل بالإجماع في مسألتنا وسيأتي.
(٣) أخرجه عبدالرزاق كما في جامع معمر بن راشد الملحق بالمصنف (١٩٩٣٨)، من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة به، قال ابن كثير في البداية والنهاية (١١/ ٣٨١)، قال الذهبي في السير (٢/ ٦٢٩): (هذا صحيح عن أبي هريرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>